بينما تتجه الأنظار مجددًا نحو القاهرة، حيث تستأنف حوارات الفصائل الفلسطينية مع قيادة جهاز المخابرات المصرية خلال أيام، في محاولة لإبرام اتفاق تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، يعوّل مواطنون فلسطينيون على أن تشكل التهدئة مدخلًا لإنهاء الحصار المتواصل منذ 12 عامًا، مؤكدين دعمهم لجهود الفصائل سعيًا نحو التخفيف من حدة الأزمات التي تعصف بالقطاع.
وتتوسط القاهرة والأمم المتحدة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة وكيان الاحتلال الإسرائيلي، منذ أسابيع للتوقيع على اتفاق التهدئة. لكن هذه المساعي تجابه حتى اللحظة بالرفض من قبل قيادة حركة فتح والسلطة في رام الله.
ويرى الموظف الحكومي محمد عاشور من خان يونس جنوب القطاع، أن التهدئة بمثابة عمل وواجب وطني لا بد منه في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن الأحوال الصعبة التي يعيشها القطاع لا تتطلب أن يكون الأمر "عكس ذلك".
ويلفت عاشور (38 عاما) لـ"فلسطين"، إلى أن قطاع غزة يُحارب اقتصاديا ويحاصر، ويُعادى من قبل أطراف عدة، فيما يعيش سكانه أوضاعا قاسية لا تخفى على أحد بفعل ذلك. لذلك يعتقد أن التهدئة هي "الحل الأنسب" أمام ذلك.
وأبدى استغرابه من معارضة السلطة وحركة "فتح" لتوقيع اتفاق التهدئة مع الاحتلال في الوقت الذي تستباح فيه الضفة الغربية بالتنسيق الأمني، متسائلًا: "هل أفهم من هذا الرفض أنهم يريدون أن يبقى قطاع غزة على حاله المرزي؟ وكيف يمكن أن يتوازى رفض التهدئة ورفض التصعيد معا؟".
ويشير الشاب الجامعي أحمد غبن من مدينة غزة إلى أنه لم يلمس من أي أحد يقابله رفضه إبرام اتفاق التهدئة، منبها إلى أن أوضاع القطاع الاقتصادية وأوضاع الشباب والخريجين الجامعيين تُلزم وجود تهدئة في القطاع.
ويضيف غبن (21 عاما) لـ"فلسطين": "الناس جميعها ملّت وذُبحت من الوضع الحالي، لا أتصور أن يكونوا ضد التهدئة وأنا واحد منهم"، مكملا "لو كنت مكان من يتحاور حول التهدئة أوقع وأتكل على الله فهي واجب وطني وإنساني".
واستضافت القاهرة مؤخرًا عدة فصائل فلسطينية للمشاركة في حوارات متعلق أحد جوانبها بملف التهدئة مع الاحتلال، وسُبل حل الأزمات الإنسانية التي تعصف بالقطاع، فيما من المقرر أن تستكمل خلال أيام.
وتعول ربة البيت "أم قصي قنن" على إبرام "التهدئة" لتحسين الأحوال الاقتصادية المتردية في القطاع، مؤكدة أن حالة الاستنزاف لغزة لا بد أن تتوقف، مضيفة "مرحلتنا الحالية تلزمنا أن نكون مع التهدئة وهي خدمة لنا وليس للاحتلال".
وتؤكد قنن (46 عامًا) لـ"فلسطين"، أن "حالة الفقر والبؤس" معلومة للجميع في قطاع غزة وهي لا تتطلب أن نزيدها باستجلاب عدوان جديد"، مشيرة لتأييدها لإبرام اتفاق يحقق حالة الهدوء والطمأنينة لسكان القطاع.
ونقل موقع "واللا" العبري أول من أمس أن جيش الاحتلال سيبحث احتمالات ما ستؤول إليه الأمور في غزة بعد رفض حركة "فتح" محادثات التهدئة التي تُجريها القاهرة مؤخرًا مع الفصائل الفلسطينية، وأن من بين الاحتمالات أن تتجه الأمور نحو جولة جديدة من التصعيد.
ويشير المواطن محمد السعدي من شمال القطاع إلى أن كافة المواطنين يكتوون لأكثر من 12 عامًا بنيران الحصار، وسط معاناة كبيرة لم يخلُ بيت منها، ودون أن يشعر أي طرف من العالم بهذه المعاناة.
ويؤكد السعدي (48 عامًا) لـ"فلسطين"، أن المعاناة والحصار يتطلبان فعليًا حالة استقرار وتهدئة، وأنّ التهدئة فعليًا من وجهة نظره مطلب جماهيري عريض، مشددًا برأيه على أن التهدئة أيضًا لا تقدح بالحالة الوطنية والكفاحية للشعب الفلسطيني ولا تذمها.
ويقول الشاب الخريج الجامعي محمد النباهين من المحافظة الوسطى إنه مع التهدئة في مقابل رفع الحصار، وإنهاء معاناة المواطنين المستمرة في مجالات الحياة المتعددة، متسائلًا: "من يرفض التهدئة مقابل انتهاء الحصار لم يكتوِ بناره".
ويضيف النباهين (27 عامًا) لـ"فلسطين" أنه كشاب ومنذ أن تخرج من جامعته لم يحصل على فرصة للعمل، وأنه يشعر بضياع المستقبل مع استمرار الوضع الحالي للقطاع، مطالبا بالإسراع في إبرام التهدئة والنزول عند متطلبات الشارع ما دامت لن تمس بسلاح المقاومة أو تحجيم دورها.

