يتخذ الاحتلال الإسرائيلي وسائل مختلفة في سبيل الإسراع في تهويد المنطقة الشرقية الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، فمن الإهمال ومنع عمليات الترميم والإعمار بالمنطقة انتقل الاحتلال أخيرًا إلى اعتقال كل من تطأ قدمه تلك المنطقة المستهدفة بمشروعات استيطانية.
وسجل خلال الفترة القليلة الماضية عدة حالات اعتقال لسيدات وفتيات وجدن قرب بابَي "الرحمة" و"التوبة" في المنطقة الشرقية والمغلقَين منذ سنوات طويلة، والتي كان آخرها اعتقال جماعي لستِّ فتيات وتحويل سابعة للتحقيق بتهمة الوصول إلى منطقة محظورة، قبل إبعادهن عن المسجد الأقصى لنحو أسبوعين.
وخلال شهر رمضان المنصرم، نفذ شُبان فلسطينيون حملة تنظيف واسعة في المنطقة الشرقية استطاعوا من خلالها التخلص من أكوام الحجارة والأتربة التي تجمعت على مدار أكثر من 25 عامًا بفعل منع الاحتلال دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس من استغلال المنطقة أو إعمارها، وذلك للترويج أن المنطقة مهجورة مهملة تمهيدًا لبناء كنيس يهودي فيها.
وعقب انتهاء الشهر نصبت سلطات الاحتلال نقطة مراقبة لها في المنطقة، حيث يستغلها الاحتلال لمراقبة حركة المصلين واعتقال بعضهم، فضلًا عن توفير الحماية لمجموعات المستوطنين التي تقتحم المنطقة على فترات متقاربة لإقامة صلوات تلمودية مقابل المسجد الأقصى.
المرابطة خديجة خويص، التي تعرضت أواخر الأسبوع الماضي للملاحقة والاستدعاء بتهمة الوجود بالمنطقة، قالت: "يتعمَّد عناصر شرطة الاحتلال مراقبتنا وتصويرنا خلال وجودنا في المنطقة، وذلك بهدف إرهابنا وتخويفنا ومنعنا من الوصول للمنطقة سعيًا لإبقائها مهملة كما كان حالها قبل أن يُعيد ترميمها الشبان".
وأضافت خويص لصحيفة "فلسطين": "كل من يصلي في المنطقة أو يجلس فيها لقراءة القرآن أو في حلقة ذكر مُعَرَّض للاستدعاء أو الاعتقال وصولًا للإبعاد عن المسجد الأقصى وهو ما حدث لنا الأربعاء الماضي برفقة مجموعة من النسوة والفتيات اللاتي كُنَّ في المنطقة".
وأوضحت خويص أن محور التحقيق كان "الوجود في المنطقة الشرقية والعبث بمقدرات أثرية والتخريب في الممتلكات والتصوير في المنطقة وحض الناس على القدوم"، مشددة على أن المنطقة الشرقية هي جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى ولن نسمح للاحتلال أن يمرر مخططاته التهويدية".
وتتعرض المنطقة الشرقية لمخططات احتلالية عديدة لإحكام السيطرة عليها بدءًا من منع وعرقلة ترميم وتحسين المنطقة، وإغلاق القاعات الأثرية الكبيرة الملاصقة لباب الرحمة وتدمير المصاطب، كما يتعمد المستوطنون الذين يقتحمون الأقصى التوجه إليه والقيام بصلواتهم في المنطقة، وتلقي شروحات تاريخية عن الهيكل المزعوم بحماية شرطة الاحتلال.
تقسيم مكاني
الباحث في شؤون القدس د. جمال عمرو، أوضح أن الاستهداف المتصاعد للمنطقة الشرقية الملاصقة للمسجد الأقصى يأتي في سياق المخططات الإسرائيلية الساعية لتقسيم المسجد مكانيًّا، وضم بابَي الرحمة والتوبة والمساحة المحيطة بهما إلى سيطرة الاحتلال، مبينًا أن عمليات الإعمار الذاتية التي نفذت في المنطقة أخيرًا أربكت الاحتلال بشكل كبير.
وقال عمرو لصحيفة "فلسطين": "كان يطمع الاحتلال أن يبقي على مظاهر الخراب في المنطقة سعيًا لتمرير مخططاته التهويدية فيها دون مقاومة، ولكن ترتيب الشبان للمنطقة وإزالة الأوساخ منها دفعت الاحتلال لوضع المنطقة تحت المراقبة التامة واعتقال كل من يجلس فيها بل تَعُدُّ وجود المسلمين فيها فترة الاقتحامات استفزازًا لمشاعر المستوطنين".
وأشار إلى أن شرطة الاحتلال تنفذ بين الحين والآخر جولات يومية برفقة طواقم هندسية تلتقط صورًا للمنطقة وتأخذ قياسات بأجهزة الليزر، مشددًا على ضرورة الوجود المستمر في المنطقة وتعزيز
