"حائط البراق" هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك، يقع في الجهة الغربية من سور المسجد، يمتد بين باب المغاربة جنوبًا، والمدرسة التنكزية شمالًا، سيطرت عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلية بعد احتلالها مدينة القدس عام 1967، ويسعون منذ ذلك الوقت لتهويده بالكامل وتزوير هويته العربية والإسلامية.
ويعتبر الحائط البالغ طوله 50 مترًا، وارتفاعه نحو 20 مترًا، من أشهر معالم مدينة القدس، ويكتسب أهمية ومكانة كبيرة لدى المسلمين، نظرًا لارتباطه بمعجزة "الإسراء والمعراج"، وقد أُخذت تسميته من ربط الرسول محمد صلى الله عليه وسلم دابته التي أسري بها ليلًا من مكة إلى المسجد الأقصى، في حلقة على هذا الحائط.
وتعتبر سلطات الاحتلال الإسرائيلي الحائط هو الأثر الأخير المتبقي لـ"هيكل سليمان" فيتوجهون إليه لأداء صلواتهم التلمودية والدعاء على أمل إعادة بناء هيكلهم المزعوم ومجيء مخلصهم "المسيح اليهودي"، فلذلك يمارسون الضغط من خلال اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية ودفع زعمائها لزيارته وتأييدهم بالسيطرة عليه على اعتبار أنهمشعب الله المختار، بحسب ما ذكر رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات لصحيفة "فلسطين".
وأوضح بكيرات، أن سبب التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية وسلطات الاحتلال الإسرائيلية اعتقادهم بأن بناء الهيكل مقدمة لنزول المسيح المنتظر الذي سيسودون به العالم ويحكمون من خلاله الأمم، وهو ما يدفعهم لزيارته.
ورأى بكيرات أن زيارة زعماء أمريكا لحائط البراق في محاولة منهم للاعتراف بأن القدس هي العاصمة الأبدية للاحتلال الإسرائيلي، وبسبب العداء الأمريكي للقضية الفلسطينية ولأنهم من خطط لإنهاء القضية الفلسطينية وإبعاد شعبنا عن أرضه.
وأشار إلى زيارة الزعماء والساسة الأمريكيين إلى حائط البراق بهدف إرسال رسالة سياسية بأن القدس عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ولتحقيق منجزات على حساب المستقبل كرسم سياسات مستقبلية هادفة لخلق شرق أوسط جديد وإنهاء القداسة عن المكان بالإضافة إلى إنهاء الوجود الفلسطيني والعربي من فلسطين.
بدوره، أوضح المختص بشؤون القدس والمسجد الأقصى جمال عمرو، أن السبب وراء إصرار زعماء أمريكا على زيارة "حائط البراق" لاعتقادهم بأن الأراضي الفلسطينية وخاصة مدينة القدس إحدى ولاياتها.
وقال عمرو لصحيفة "فلسطين": "يصر المسئولون الأمريكان على زيارة حائط البراق لاستفزاز العرب والمسئولين وفي محاولة منهم لدفع العالم لاعتبار "حائط البراق" يخص الاحتلال الإسرائيلي ولإعطائها الضوء الأخضر لاستكمال مشاريع السيطرة على المدينة المقدسة.
وبين أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 22 أيار/ مايو 2017 لحائط البراق في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وأداء طقوس تلمودية وارتداء قلنسوة يهودية سوداء اللون، ووضع يده اليمنى على الحائطثم قام، بحسب التقليد المتبع، بوضع ورقة بين حجارة الحائط، كاعتراف منه بأن الحائط ملك للدولة العبرية.
ويرى أن زيارة رؤساء أمريكا البالغ عددهم خمسة وأربعين، لاستفزاز العرب وقيادة الأمةعلى اعتبار أن "حائط البراق" يشكل جامعا مشتركا لكل الأنبياء والديانات، ولامتلاك الولايات الأمريكية وزعمائها أهدافا استراتيجية لدفعهم للتمسك بالحائط وعدم الاستغناء أو التنازل عنها ولاسترضاء اللوبي الصهيوني في أمريكا وتأييدهم في الانتخابات مقابل الحصول على اعتراف بأن الحائط ملك لهم ولأخذ ضوء أخضر لإقامة مشاريعهم في المنطقة, وصولا لهدم القدس والمسجد الأقصى المبارك ولإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
وزار عدد من زعماء ورؤساء الولايات المتحدة الأمريكية "حائط البراق" حينما كانوا مرشحين مرتدين قلنسوة سوداء وقاموا بأداء طقوس تلمودية، ثم قاموا -بحسب التقليد المتبع- بوضع ورقة بين حجارة الحائط، وعادة ما تتضمن الأوراق صلوات أو أمنيات.
وقبل عام 1967، كان الحائط محاطًا بالبيوت القديمة التي كان يطلق عليها "حي المغاربة" الملاصق للجدار الغربي للأقصى، والذي هدمه الاحتلال بالكامل في11 حزيران عام 67، وشرد أهله وحوله إلى ساحة أسماها "ساحة المبكى"، لصلاة اليهود، وذلك بدعوى أن منطقة الحائط ملك لليهود منذ ثلاثة آلاف عام.
ويدعي اليهود وفق رواياتهم الدينية أن حائط البراق، والذي يطلقون عليه "حائط المبكى" هو البناء المتبقي من هيكلهم المزعوم، وأن "البكاء والنحيل عنده هو أحد الأسباب التي ستعيد لهم هذا الهيكل وستؤسس لعودته، وبالتالي فهو يشكل رمزية يهودية".
وخلال القرن الـ19، حاولوا الاستيلاء عليه بتملك الأماكن المجاورة له، لكنهم فشلوا، وفي عهد الانتداب البريطاني زادت زياراتهم للحائط حتى شعر المسلمون بخطرهم، ووقعت ثورة البراق بتاريخ 23 أغسطس/آب 1929، والتي أدت لاستشهاد العشرات من المسلمين وقتل عدد كبير من اليهود.
وتمخضت تلك الأحداث عن تشكيل لجنة دولية لتحديد حقوق المسلمين واليهود في حائط البراق، وبعد تحقيق قامت به هذه اللجنة واستماعها إلى وجهتي النظر العربية الاسلامية واليهودية، وضعت تقريرًا في العام 1930، قدمته إلى عصبة الامم المتحدة أبدت فيه حق المسلمين الذي لا شُبْهة فيه بملكية حائط البراق.
وبنظر اليهود، فإن "سيطرتهم على الحائط تعد بمثابة رسالة دينية وتثبيت لجذور يهودية فيه"، ولكن رغم هذه الادعاءات، إلا أن الموسوعة اليهودية تقول إن" اليهود لم يصلّوا أمام هذا الحائط إلا في العهد العثماني، ومن جهة أخرى ليس هناك أي أثر يثبت وجود الهيكل اليهودي أو ما يمكن أن يمت إليه بصلة".
كما أن علماء الآثار والمنقبين اليهود أنفسهم أو الذين استقدمهم اليهود وصلوا إلى صخرة الأساس في المكان، ولم يعثروا على أي دليل مادي مهما كان صغيرًا يؤكد صحة الروايات اليهودية.