هذه الآية هي من أول ما نزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وتضمنت أمرًا ربانيًّا لرسوله بتكبير الله في قلوب الناس، هذا التكبير الذي يتضمن معنى العبودية الخالصة له وحده؛ فيكون الله هو الآمر والناهي في كل شأن يتعلق بحياة الإنسان.
والعجيب في صيغة الآية أنها تضمنت تقديم المفعول به «ربك» على الفعل «كبر»، والتقديم هنا يراد به التخصيص، أي التكبير لا يكون إلا لله وحده، لذا كان أول الأوامر للرسول الأعظم هو التحرك بالدعوة لله (سبحانه وتعالى)، وتعظيمه بقلوب الناس، ونزع الأنداد من دونه من حياة الناس وتوجهاتهم القلبية.
أي كان الأمر «وربك فكبر»، ولم يكن «كبر ربك»، لأن كبر ربك تحتمل أن يكبر مع الله (تعالى) غيره، أي كبر ربك، ولا مانع أيضًا من تكبير غيره، أما صيغة «وربك فكبر» فلا تحتمل إلا أن يكون التعظيم والتكبير لله فقط.
وهذا هو سر الرسالات، فالأنبياء جميعًا كانوا يأتون أقوامًا يكبرون الله، ويعترفون به خالقًا يستحق العبادة، لكن في الوقت نفسه يتوجهون بالتعظيم لما هو من دونه من معبودات يبتدعونها، فاقتصرت دعوتهم على التركيز على جانب واحد، وهو: أن الذي يستحق العبادة والتعظيم هو الله فقط، وأن موجبات هذا التعظيم تقتضي خلع ما دونه من أنداد، والتوجه له بالدينونة والعبادة والطاعة الخالصة، فهو الخالق وهو الآمر.