الواجب الوطني والأخلاقي والإنساني يقضي بأن يتكاتف كل الشعب الفلسطيني مع موظفي الأونروا المفصولين، ومع الموظفين المهددين بالفصل، فسياسة مدير عمليات الأونروا ضد اللاجئين في غزة لا يمكن حصرها بالأزمة المالية بعيداً عن السياسية، والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال تصفية مؤسسة الأونروا، لذلك فإن شعار: طردت يوم طرد الموظف الأول، يتوافق مع المثل الشعبي: أكلت يوم أكل الثور الأبيض!!.
ومن البديهي أن ما يتعرض له موظفو قطاع غزة هو جزء من حالة الحصار العام، وجزء من العقوبات المفروضة على أهل غزة، وهذا كله يصبّ في نهاية المطاف في حالة الخنق المتعمد لأهل غزة، بهدف تمرير مخطط تصفية القضية الفلسطينية وفق أطروحة صفقة القرن.
وأزعم أن سياسة التقليصات والطرد والعجز في الميزانية والنقص في الخدمات المقدمة للاجئين ستتواصل، بل ستتعمق أكثر في الأيام والأشهر القادمة، وسيزداد الضغط على الشعب الفلسطيني كي يتوجع حياتياً بهدف انتزاع المكاسب السياسية لصالح الصهاينة.
وحتى الآن، يشكل الموظفون المفصولون والمهددون بالفصل رأس الحربة في المواجهة، وهذا لا يكفي، فطالما كانت القضية سياسية، وتستهدف في مراحل لاحقة كل فئات الشعب، فإن المواجهة يجب أن تكون شاملة، وفي كل الساحات، وهذا ما أدركته الهيئة الوطنية لمسيرات العودة، والتي دخلت على خط المواجهة باسم الكل الوطني، وباسم قواه كافة؛ السياسية والتنظيمية، وأعلنت عن الإضراب الشامل في مؤسسات الأونروا في قطاع غزة اليوم الخميس.
لا بأس من خطوة الإضراب، ولا بأس من الاعتصامات، ولكن المؤامرة على القضية الفلسطينية أكبر من إضراب في غزة، وأشد من اعتصام أمام مقرات الأونروا، فطالما كان المستهدف هو الوطن فلسطين، فإن الواجب يقضي أن تكون المواجهة أشمل من قطاع غزة، وأبعد من حدود فلسطين، بحيث تشمل أهل الضفة الغربية والقدس، وتشمل اللاجئين في الأردن ولبنان وفي كل مكان، ولا سيما مع بروز جسم وطني فلسطيني تتآلف تحت ظلاله كل القوى السياسية، وتحت مسمى الهيئة الوطنية لمسيرات العودة، وهي المكلفة من الآن فصاعداً بتحمل مسؤوليتها، والتواصل مع اللاجئين الفلسطينيين في كل المناطق، لتنسيق خطوات مشتركة، تربك مخطط الأعداء، وترفع صوت الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.
وحتى يكون الحراك الوطني الفلسطيني فاعلاً وضاغطاً ومؤثراً، فإن الخطوة الأهم لصد هجوم الأونروا تتمثل في الضغط على الإسرائيليين، فهم أصحاب الشأن، وهم الذين يحركون عصابة الشر المتمثلة بالسفيرة الأمريكية نيكي هالي والمبعوث جبيسي غرينبلات وصاحبي المبادرة كوشنير والسفير ديفيد فريدمان وتلميذهم الرئيس ترامب.
الإسرائيليون هم أصحاب المصلحة في تقليصات الأونروا، لذلك، فإن الضغط على الإسرائيليين كفيل بأن يوقف ضغط الأونروا على الموظفين والمواطنين في غزة، ولايتحقق ذلك إلا من خلال المسيرات الشعبية باتجاه الحدود، مسيرات طابعها سلمي، يقف على رأسها الموظفون والموظفات وأولادهم، ومن خلفهم عموم الشعب الفلسطيني، على أن تتحرك هذه المسيرات السلمية تحت ظلال علم الأونروا، وأن تنصب على الحدود خيام الأونروا، وأن ترفرف رايتها، بعد أن يتم تبليغ الصليب الأحمر الدولي بالخطوة، وبعد إبلاع قيادة الجيش الإسرائيلي بسلمية المسيرة، وبمطالبها التي تتمثل بحق العودة بديلاً للوظيفة، وبحق العودة بديلاً لخدمات الأونروا.
هذه الخطوة باتجاه خطوط الهدنة أكثر وجعاً للإسرائيليين وحلفائهم من الاعتصام في مقرات الأونروا، ومن الإضراب الشامل، ومن حرق بطاقة التموين، هذه الخطوة تعود بالقضية إلى الأصل، وهو العودة إلى فلسطين، وتأكدوا أن الشعب بكل أطيافه معكم، ولن نقف متفرجين، سنشارككم المسيرة بكل قوة، وبحضور فاعل، فتوكلوا على الله.