في مثل هذه الأيام قبل أربعة أعوام نجحت المقاومة في أسر اثنين من جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان غزة 2014، كانا يشاركان في أعمال القتل والقصف والاجتياح لمناطق شرق وجنوب القطاع، وفي وقت لاحق أضيف إليهما اثنان من الإسرائيليين أسرى في ظروف مختلفة.
منذ ذلك التاريخ والحديث الإسرائيلي في عمومه: الرسمي والشعبي والنخبوي، لم يأتِ على فرضية إبرام صفقة تبادل جديدة مع المقاومة، يتم بموجبها إطلاق سراح هؤلاء الإسرائيليين، أحياء كانوا أو أمواتًا، مقابل تحرير أسرى فلسطينيين، بغض النظر عن أعدادهم أو نوعياتهم.
هنالك خلفية واضحة لا تخطئها العين في تجاهل أحاديث الإسرائيليين عن عقد صفقة تبادل أسرى مع المقاومة، وهي الصدمة النفسية التي ما زالت آثارها تضرب في أوساطهم، من صفقة وفاء الأحرار 2011، وبموجبها أطلقت المقاومة سراح الجندي شاليط، مقابل تحرير ألف أسير فلسطيني من العيار الثقيل.
منذ ذلك الوقت، وإسرائيل تعيش حالة من الانكسار والخضوع للمقاومة التي نجحت في الاحتفاظ بالجندي مدة خمس سنوات بالتمام والكمال، وأجبرت الاحتلال في النهاية على التسليم بالثمن الذي طلبته منذ اليوم الأول، رغم فداحة الثمن الذي دفعه الفلسطينيون في غزة مقابل إتمام هذه الصفقة.
في هذه الأيام يحيي الفلسطينيون والإسرائيليون الذكرى السنوية الرابعة لأسر الجنديين الإسرائيليين، وقد بدأت تخرج بعض الأحاديث والتسريبات الإسرائيلية، على قلتها، عن إمكانية إبرام صفقة تبادل، ولو بشروط أقل من سابقتها، عبر تحكم السجان الإسرائيلي بأسماء المفرج عنهم، ونوعياتهم.
صحيح أن الأحاديث الإسرائيلية الجديدة خجولة، ولم تخرج عن جهات رسمية، بل هي تقارير صحفية، لكنها تحمل دلالات مهمة:
1- من كتبها كبار الصحفيين والمحللين، ممن يرتبطون بشبكة علاقات رفيعة المستوى مع دوائر صنع القرار في تل أبيب.
2- حملت ضمنيًّا دعوة لإبرام صفقة التبادل، ومناشدة للحكومة بالنزول عن شجرة اللاءات الكبيرة التي رفعتها في وجه المقاومة، بعدم عقد الصفقة.
3- وصولها لقناعة واضحة مفادها أنه لا خلاص لهذه الأزمة المحتدمة في غزة إلا بإخراج الإسرائيليين الأسرى منها، وإعادتهم لذويهم، أيًا كانت حالتهم الصحية.
4- تضمنت إقرارا بفشل العمليات الأمنية الخاصة التي نفذتها المخابرات الإسرائيلية طوال السنوات الأربع الماضية للوصول إلى طرف خيط للأسرى في غزة.
أخيرًا.. إنّ العودة للسنوات الأولى لأسر شاليط بين 2006-2011 تذكرنا بذات المواقف الإسرائيلية الحدية والحادة برفض التبادل، لكنها في النهاية رضخت لمطالب المقاومة العادلة، وعليه فإن إمكانية تكرار ذات السيناريو أمر قائم، وإن احتاج الأمر من المقاومة إلى بعض من التكتيك التفاوضي الذي يجعل قضية الأسرى الإسرائيليين الشغل الشاغل للرأي العام الإسرائيلي.