فلسطين أون لاين

​الحجّ.. رحلة قلوب البشر لله وفريضة تكفّر الذنوب

...
غزة - صفاء عاشور

أسابيع ويبدأ الحجيج في الوصول إلى بيت الله العتيق في المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، حيث يقصد نحو مليون ونصف المليون شخص من جميع أنحاء العالم مكة المكرمة لأداء الفريضة التي استطاعوا إليها سبيلًا " بحسب مصادر سعودية".

عضو رابطة علماء فلسطين مصطفى أبو توهة أوضح أن الله فرض على الإنسان فرائض وأركان وألزمه بواجبات لاستمرار العلاقة بين الإنسان الضعيف والخالق المطلق الغني.

وقال في حديث لـ"فلسطين": إن "من هذه الفرائض التي لها علاقة بمصلحة الإنسان هي فريضة الحج، حيث قال الله تعالى: "جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ۚ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ".

وأضاف أبو توهة: "وعليه فإن الحج يؤدي في النهاية إلى مصلحة الانسان في الدنيا والآخرة، وأن الله لم يفرض الفرائض إلا إذا توافرت شروطها وإمكانات فعلها واستطاعتها عند الإنسان، وذلك لقوله عز وجل: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا".

وأشار إلى أن فريضة الحج لا يمكن أن تكون إلا إذا استطاع الإنسان الاستطاعة المادية، العقلية والأمنية ومن لم يستطِع إليه سبيلا فلا حج عليه، أما إذا استطاع أداءها وتوافرت الإمكانات أصبحت عليه فرض عين لا يمكن أن تسقط عنه وإلا سيكون العقابُ الأليم جزاءَه.

وذكر أبو توهة أن فريضة الحج استوعبت كل طاقات الإنسان المالية، البدنية والعقلية لذلك استطاعت أن تحقق الأفضلية المطلقة من بين العبادات كلها، حتى الصلاة والزكاة التي استوعبت البدن والمال، لافتًا إلى أن الحج هو الفريضة الوحيدة التي يمكن أن تكفر الكبائر كلها ما عدا حقوق العباد.

وبين أن الصلاة والصيام تُكفر صغائر الذنوب وذلك لقول الرسول: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إن اجتُنبت الكبائر"، أما فريضة الحج تأتي على الذنوب من أولها إلى آخرها.

وأوضح أن ذلك لحديث عمرو بن العاص عندما أقبل مبايعًا مسلمًا ومدّ يده ليبايع الرسول وعندما مدّ الرسول يده قبض عمرو يده واستغرب الرسول من تصرف عمرو بن العاص الذي اشترط على الرسول أن يغفر له ذنبه.

وأردف: "فقال الرسول ألم تعلم أن الإسلام يجُب ما قبله وأن الهجرة تجُب ما قبلها وأن الحج يجُب ما قبله"، وبالتالي فهذه إشارة واضحة أن الإنسان إذا حج حجًا كاملًا تامًا فهذا من شأنه أن يخلقه من جديد ويؤدي إلى صفاء ونقاء في روحه".

ونوه أبو توهة إلى أنه عندما سُئل رسول الله أي الأعمال أفضل؟ فقال: إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال: حج مبرور، وبالتالي فإن الحج المبرور إذا أُدي على الشكل الصحيح فإنه يعيد صياغة الإنسان من جديد ويزيد القرب من الله.

وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن "الحجاج والعُمار وفد الله دعاهم فأجابوه وسألهم فأعطاهم"، متابعًا: "ومن هنا نقول أن الوقوف على الأجر والثواب لهذه الفريضة تقف بالإنسان على ضرورة معرفة سر قبولها وجعلها بهذه المثابة من الأجر العظيم.

وأكد أبو توهة أن الحج ليس نقلا للأبدان والأجساد من مكان لآخر وتغيير مواقع وإنما الحج هو هجرة للقلوب وانتقال للمشاعر من حال إلى حال وهذا ما أشار إليه دعاء سيدنا إبراهيم الذي قال:" فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات".

وأوضح أن الهوي ليس انتقال أبدان وإنما هي رحلة قلوب، حيث قال ابن عباس حين رأى أفواج الحجيج من كل فج عميق قال: "ما أكثر الركب وما أقل الحجيج"، أي ما أكثر الركب ولكن الصادقين والمقبلين على رحمة الله هم قليل، مشددًا على ضرورة أن تكون هذه الرحلة هجرة لله تعالي وليست هجرة إلى بيته عز وجل.