الدستور الأردنية
بذريعة مصطلح غامض ومطاطي هو صفقة القرن مارست واشنطن وتل أبيب خلال بضعة أشهر ما كان يتطلب عشرة أعوام على الأقل لتحقيقه بدءًا من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وليس انتهاء بما صدق عليه الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا من قوانين تكرس يهودية الدولة والهوية معًا، بحيث أصبح العرب مجرد أفراد وليسوا قومية لها حقوق، وهذا بحدّ ذاته تمهيد لحذفهم من المعادلة.
إن تداول الميديا لمصطلح صفقة القرن على هذا النحو الذي يجعله يتسع لكل الانتهاكات الإسرائيلية بإسناد أمريكي تحول إلى مظلة واسعة وباسمه وبوحي منه ارتكبت جرائم وسترتكب جرائم أخرى، والعالم يراوح بين صمت ولا مبالاة وبين مشجب نظري ممنوع من الصرف، ولأن (إسرائيل) بلا دستور فإن المجال سيبقى مفتوحًا لإصدار قوانين سوف تتضاعف خطورتها على الفلسطينيين مستقبلا، بحيث لا يكون توسع الاستيطان مرتبطا باليمين فقط، بل يصبح ملزما لكل الحكومات القادمة!
إن كل ما يقوم به نتنياهو الآن يجزم بأنه يستغل فرصة ذهبية وتاريخية نادرة بالنسبة لـ(اسرائيل) وهي هذا الخريف العربي الذي حمل أسماء مستعارة للتمويه، وقد عبر نتنياهو مبكرًا وفي كتابه مكان تحت الشمس عن إستراتيجية استثمار الفرص، واعتصار حالة الضعف العربي حتى آخر قطرة، وهو يدرك أن المستقبل لن يكون حليفًا له، لهذا لا يتردد لحظة في استغلال الراهن العربي بكل ما يعج به من حروب الإخوة الأعداء، وانسداد الآفاق القومية لأن الشعار المرفوع الآن هو انجُ سعد فقد هلك سعيد، رغم أن نجاة سعد مجرد وهم يلوذ به من فقدوا الحول والقوة معا، وعندما يأزف دوره سوف يكتشف لكن بعد فوات الأوان أنه كالعصفور المسكين الذي عقد صفقة مع التمساح لينظف له أسنانه ويلتهم ما بينها من بقايا الفريسة، ولا يدرك أن التمساح سيطبق فكيه عليه ويسحقه ذات يوم.