فلسطين أون لاين

​كيف نحافظ على القلب من ألم الكلام الجارح؟

...
غزة/ هدى الدلو:

من طبيعة البشر أن يكون فيهم صاحب الخلق الحسن والأسلوب الرفيع والكلام الراقي، وأن يكون فيهم صاحب الخلق السيئ والأسلوب الدنيء والكلام الجارح، أما الأول فإنه يسرك أسلوبه ويسعد قلبك تعامله، والثاني يسوؤك أسلوبه ويغيظك كلامه، ويتسبب بالحسرة في قلبك.. ولكن لهذا الأمر كان لا بد من توجيهات رشيدة للوقاية من مخاطر الإصابة بالحسرة في القلب كي تعيش مرتاح البال مطمئن القلب..

فقال العضو الاستشاري في رابطة علماء فلسطين أحمد زمارة: "يقول الله تعالى: "فَاصبِر عَلى ما يَقولونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِن آناءِ اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرضى"، فالله سبحانه وتعالى أمرنا في هذه الآية أمرنا بأمرين وحدد لنا أوقاتًا ذهبية لاستغلالها في وقاية أنفسنا وقلوبنا من الأذى اللفظي والكلام الجارح ".

وأضاف: "فقد ابتدأ بالأمر الأول إذ قال (فاصبر) هنا يأمرنا الكريم بالصبر والتحمل لأن الصبر من شيم المؤمنين ونحو ذلك ما حدث مع الصديق رضي الله عنه كما في حديث الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، غَضِبْتَ وَقُمْتَ ، قَالَ: "إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ".

وأوضح زمارة أنه بالنسبة للأمر الثاني الذي أمرنا به الله تعالى قوله (وسبح) هنا ندرك أن للتسبيح أمرا عظيم القدر في ذهاب الغضب وثبات الأجر وإحراج الخصم، والتسبيح ذكرٌ لله تعالى واتصال بالخالق وعليه فمن لزم التسبيح كفاه الله سبحانه وتعالى شر الأشرار وكيد الخصوم.

وأشار إلى أن العلاج الثاني والمرتبط بالأول قوله تعالى: "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين .وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين" اعلم أن ترتيبه -جل وعلا- الأمر بالتسبيح والسجود على ضيق صدره صلى الله عليه وسلم بسبب ما يقولون له من السوء ، دليل على أن الصلاة والتسبيح سبب لزوال ذلك المكروه ; ولذا كان - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة، وقال تعالى: " وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ".

وبين أنه في أكثر من موضع, جاء الأمر بالتسبيح بعد كلمة "يقولون" كقوله تعالى: "فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ"، وذلك عند سماع الكلام المؤذي فسلامة القلب أمر مهم، وكأن التسبيح يقي القلب من الأذى الذي يسببه الكلام الجارح فيورث شعورا بالرضا واستقرارا بالقلب.

ونوه زمارة إلى أنه بهذه الطريقة يمكن أن تُذْهب عنك أيَّ ضيق، أن تسبح الله، وإذا ما جافاكَ البشر أو ضايقك الخَلْق؛ فاعلم أنك قادر على الأُنْس بالله عن طريق التسبيح؛ ولن تجد أرحم منه سبحانه، وأنت حين تُسبِّح ربك فأنت تُنزِّهه عن كُلِّ شيء وتحمده، لتعيش في كَنَف رحمته، ولذلك نجده سبحانه يقول في موقع آخر: "فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"، ولذلك إذا ضاق صدرك في الأسباب فاذهب إلى المُسبِّب.