كان الهروب الجماعي لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي من موقع عملية الدهس التي نفذها الشهيد فادي قنبر بشاحنته صادم لقادة الاحتلال أكثر من العملية ذاتها رغم أنها أدت إلى مقتل أربعة وجرح العشرات وبعضهم ما زال في حالة الخطر. الجنود الذين فروا لم يتعرضوا للدهس وكانوا بعيدين نسبيًا عن موقع العملية، كما أنهم لم يتعرضوا لإطلاق نار من جهة غير محددة حتى يفروا بتلك الطريقة المجنونة، ماذا كانوا سيفعلون لو أنهم تعرضوا لعملية إطلاق نار بل ماذا يستطيع مثل هؤلاء أن يفعلوا في ساحة قتال حقيقية مثل قطاع غزة؟
التفسير الوحيد لهروب جنود جيش الاحتلال إلى جانب جبنهم هو عدم إيمانهم بحقهم في الوجود في المدينة المقدسة بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام. السارق لا يضحي بدمه من أجل ما سرقه ومن السهل التخلي عنه بسهولة، فهم يعلمون أن وجودهم في فلسطين هو احتلال وبحث عن حياة سهلة والكثير من الرفاهية، قبل العملية كان الجنود يلعبون ويلهون وأثناء العملية يفرون بشكل هستيري، وهذا المشهد لا بد وأنه انعكس على الجمهور الإسرائيلي الذي لم يكن يثق بقيادته والآن لن يثق بجنوده فهم لا يستطيعون توفير الأمن لأنفسهم حتى يوفروه لغيرهم، أما الانعكاس الآخر فهو على جنود المقاومة الفلسطينية الذين شاهدوا ما حدث لا بد وأنهم ضحكوا كثيرًا، وقد ساهم مشهد الهروب الجماعي في تعزيز ثقتهم بأنفسهم وبخط المقاومة.
على قادة الاحتلال ألا يفكروا كثيرًا بجبن جنودهم فهذه طبيعتهم ولا يمكنهم تغييرها ولكن التفكير الإيجابي يكون بدراسة الدوافع التي أطلقت غضب الشهيد فادي قنبر رحمه الله وجعلته يضحي بحياته ويترك أطفاله الصغار، هل كان دافعه مشاهدة أطفال غزة يموتون من البرد بسبب الحصار، أم أنه انتقم لصياد كان يبحث عن لقمة عيشه في عرض البحر فقتله جنود الاحتلال بدم بارد، أم أن تدنيس القدس والاعتداءات اليومية عليها هي السبب، أم أنها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قرر أن ينقل سفارة بلاده إلى القدس فاستفز بذلك كل المسلمين في العالم. على نتنياهو وقادة الاحتلال أن يدركوا أمرين: الأول أن الاحتلال هو المحرض الوحيد للعمليات الفدائية والثاني أن الغطرسة والعناد لا يليقان بكم وجنودكم غير مستعدين لمواجهة فدائي يقود شاحنة أو آخر يحمل سكينًا.