العربي الجديد
تحمل جولة المبعوثين الأميركيين جيسون غرينبلات وجيرالد كوشنر الأخيرة للمنطقة، والتي وصلت الجمعة إلى محطتها الأخيرة في القدس المحتلة، بوادر تحرك أميركي عربي لمزيد من الضغوط على كل من السلطة الفلسطينية رغم مقاطعة الأخيرة للطرف الأميركي منذ الاعتراف بالقدس عاصمة (إسرائيل)، وحركة حماس وسلطتها الفعلية في قطاع غزة، لجرّ الطرفين الفلسطينيين، على انفراد، في أحسن حال، للتورط في متاهات مفاوضات حول خطة يعرف الجميع أنها لا تستوفي الحد الأدنى من الشروط الفلسطينية، وبالتالي فإن الرفض الفلسطيني لها كموقف جماعي هو أمر مفروغ منه في حال لم يطرأ تغيير حاد سواء في القطاع أم في رام الله. ومع ازدياد التكهنات باقتراب موعد طرح الصفقة الأميركية، تزداد الحاجة الفلسطينية لأن يقفز قطبا النزاع الفلسطيني، حماس في القطاع وسلطة رام الله في الضفة الغربية، عن حالة الانقسام والتشرذم، التي تزداد في ظلها أوضاع الفلسطينيين ككل سوءًا، بغض النظر عن أماكن تواجدهم، لدرجة تكريس تصور لدى الأنظمة العربية المتحالفة مع (إسرائيل)، بدءًا بالنظام المصري، بإمكانية الفصل كليًا ونهائيًا بين ما تبقى من جغرافية فلسطينية مقترحة لإقامة دولة عليها، والتعامل مع كل جزء على انفراد، مقابل منح الاحتلال ودولته دفعا بالغيبة لعدم القبول حتى بصفقة دونالد ترامب بحجة عدم وجود شريك فلسطيني يملك شرعية تمثيل كافة الشعب الفلسطيني.
وفي مواجهة كل ما يُحاك وينشر عن صفقة القرن، لم يعد بحوزة الفلسطينيين اليوم، أي ورقة يلعبونها أو يشهرونها بوجه ما هو آتٍ، سوى ورقة إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة الداخلية أولًا، والعمل على إعادة الوحدة الإدارية والسلطوية للقطاع والضفة الغربية المحتلة ثانيًا، بما في ذلك القدس المحتلة، كجزء لا يتجزأ من الضفة الغربية، ووقف التعامل معها (أي القدس) من المنطلق الحالي الذي يسلم بسلخها عن الأراضي المحتلة عام 1967.
بدون هذا كله لن يكون بمقدور الموقف المعلن لسلطة حماس ولا للرئيس الفلسطيني محمود عباس برفض التعامل مع إدارة ترامب بعد أن "خسرت حيادها كدولة راعية للمفاوضات" أن يحقق الغاية المرجوة. على قطبي الحكم الفلسطيني في القطاع وفي رام الله ترجمة هذه المواقف بخطوات عملية حقيقية لاستعادة اللحمة الفلسطينية الشعبية والوطنية إذا كانا يريدان فعلًا إسقاط الصفقة ومنع تصفية القضية الفلسطينية.