فلسطين أون لاين

سنن الصلاة رصيدٌ احتياطي وسياجٌ آمن

...
غزة - نسمة حمتو


من النداءات التي خاطب الله بها عبدًا من عباده قوله (تعالى): "يا يحيى خذ الكتاب بقوة"، ولعل من ميادين القوة الفريضة التي فرضها الله (عز وجل) على عباده ليكونوا على صراطه المستقيم، وهذه العبادة إن أصابها الخلل أو التراخي فإنها حتمًا ستكون سُبة في وجه صاحبها يوم القيامة، ولأهمية فريضة الصلاة كان لها ما يحمي صاحبها من التراخي فيها، وهذه الحماية تتمثل في السنن التي تسبق الفروض أو تليها.

لسدّ الخلل

الداعية مصطفى أبو توهة استهل حديثه لـ"فلسطين" بالتذكير بقول النبي (عليه الصلاة والسلام): "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة صلاته، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله".

وذكّر بما ورد عن أبي داود، قَالَ: "يَقُولُ رَبُّنَا (جَلَّ وَعَزَّ) لِمَلَائِكَتِهِ _وَهُوَ أَعْلَمُ_: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟، فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ".

وقال أبو توهة: "من باب الاحتياط والحفاظ على كمال وجمال هذه الفريضة أحاطها الشارع الحكيم بالسنن، التي هي أشبه ما تكون بالسياج الآمن من التفلت والانسياب".

أضاف: "السنن مؤكدة أو مطلقة رصيد احتياطي لتعويض وسد أي خللٍ أو نقصٍ في العبادة المطلوبة، ومعلوم أن المصلي _مثلًا_ لا تخلص له صلاته كاملة، فقد يكتب له منها نصفها أو ثلثها أو ربعها وبذلك تكون النافلة جبرًا وتعويضًا".

وتابع: "والناظر إلى أمر الناس اليوم يرى منهم ما يؤسَف له، حين يضعون النافلة خارج اهتماماتهم وأولوياتهم، فترى الشخص _مثلًا_ يصلي الفريضة ثم ينفض في حال سبيله، ولفي ذلك خسرانٌ كبير".

ولفت أبو توهة إلى أن النبي (عليه الصلاة والسلام) يقول في سنة الفجر: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".

وذكر أنه من باب المحافظة على السنن كان النبي (عليه الصلاة والسلام) يداوم على بعضها، فسُميت السنن المؤكدة، وبعضها كان يقوم بها بين الفينة والأخرى فسُميت السنن المطلقة، مضيفًا: "ومن هنا نقول إن المسلم كلما كان صادقًا في الاقتداء بالنبي (عليه الصلاة والسلام) برهن على ذلك بالقيام بتلك السنن فيما يتعلق بأركان العبادات وجميل العادات".