فلسطين أون لاين

من مجلس حقوق الإنسان

انسحاب أمريكا "بلطجة" لارتكاب انتهاكات جديدة

...
غزة - أدهم الشريف


وصف قانونيون وحقوقيون فلسطينيون الانسحاب الأمريكي من مجلس حقوق الإنسان الأممي بأنه "بلطجة سياسية أمريكية تمهد لارتكاب انتهاكات جديدة".

وكانت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي أعلنت انسحاب بلادها من المجلس، بسبب ما وصفته بـ"التحيز المزمن ضد (إسرائيل) وغياب الإصلاح للمجلس المنافق والأناني"، القرار الذي وصفه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ"الشجاع"، ناعتًا المجلس بـ"المنظمة المنحازة والمعادية".

وعدَّ الحقوقي صلاح عبد العاطي القرار استمرارًا في تثبيت شريعة الغاب، وانتصارًا لكيان الاحتلال وشراكة في كل جرائمه.

وفي تصريح لصحيفة "فلسطين" أكد عبد العاطي أن القرار الأمريكي محاولة للضغط على الأجسام الدولية لثنيها عن إدانة الكيان، والقيام بدورها في حماية المدنيين بالأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال: "يجب على المجتمع الدولي التصدي للسياسات الأمريكية الضارة التي تثبِّت شريعة الغاب بديلًا لمقاصد الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني"، لافتًا إلى أن قرار الانسحاب سيؤدي لاحقًا إلى عزل أمريكا والكيان العبري.

وعد عبد العاطي خطوة أمريكا دليلًا على عدم وجود أي دور لها في الحفاظ على حالة حقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية.

ليس ذلك فحسب، بل يغيب دورها ويجعلها معزولة، وهي أيضًا تريد أن تثبت قواعد جديدة في العلاقات الدولية، ليس في صدارتها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وإنما المصالح التي تغيِّب المعايير الأخلاقية والقانونية ومعايير حقوق الإنسان، كما يقول الحقوقي عبد العاطي.

ومجلس حقوق الإنسان هيئة حكومية دولية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، شكلت عام 2006م، وهو يتألف من 47 دولة مسؤولة عن تعزيز حقوق الإنسان جميعها وحمايتها في أنحاء العالم كافة.

مراجعات دولية

ويرى الأمين العام للمجلس التشريعي نافذ المدهون أنه ليس لدى أمريكا مبرر للانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، لأن ذلك يدخلها في أزمة جديدة أمام العالم وعزلة دولية لإرضاء الصهيونية والكيان العبري.

وقال المدهون لـ"فلسطين": "إن الانسحاب مؤشر على أن السياسة الأمريكية المقبلة تسير في اتجاه ارتكاب جرائم بحق الشعوب، وهي تريد التملص من مسؤولياتها في الأمم المتحدة".

ورأى أن ذلك يتطلب من الجمعية العمومية في الأمم المتحدة إعادة النظر في مكانة أمريكا بمجلس الأمن وحقها في استخدام (الفيتو)، معللًا ذلك بأن بقاءها خطير في مجلس الأمن، وسيكون بمنزلة إعطائها ضوءًا أخضر للكيان وغيره من الدول لارتكاب جرائم دون محاسبة.

وأضاف: "انسحاب أمريكا لا شك أنه سيؤثر على أداء مجلس حقوق الإنسان، إذا ما بقيت عضوية أمريكا كما هي في مجلس الأمن".

ولفت المدهون الأنظار إلى ضرورة انعقاد الجمعية العمومية ومناقشة هذه الحالة، وبحث حالة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، حتى يمكن القول إن المؤسسة الدولية (الأمم المتحدة) استطاعت أن تحافظ على قوتها وكينونتها.

"لكن إذا بقي الحال بهذا الشكل أعتقد أن أمريكا ستقود تحالفًا جديدًا حتى من داخل الأمم المتحدة وبغطاء منها لارتكاب جرائم ضد شعوب العالم، وهذا خطير لابد أن يقابل بقرار أممي" قال المدهون.

أضاف: "أقرأ في انسحاب أمريكا الكثير، وقد أصبحت هي التي تقود الحرب ضد الشعب الفلسطيني، وعندما تنسحب في ظل التوتر بالشرق الأوسط وفي قطاع غزة والمواقف الإسرائيلية العنصرية ضد الشعب الفلسطيني؛ فهو بالفعل لتشجيع القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب ضد أبناء شعبنا".

"وقد يكون ذلك تمهيدًا لحرب شاملة في المنطقة، وهذا الأمر بحاجة لنقاش في مؤسسات الأمم المتحدة"، حسب رأيه.

خدمة للكيان العبري

في حين أن أستاذ القانون الدولي عبد الرحمن أبو النصر يرى أن انسحاب أمريكا جاء لمصلحة كيان الاحتلال، لأنها تفتقد في المجلس (الفيتو)، وكذلك الأغلبية لإصدار قرارات جديدة، في حين معظم القرارات التي تصدر مناصرة للحقوق والعدالة لا ترضيها.

وقال أبو النصر لـ"فلسطين": "إن الانسحاب الأمريكي نقطة سلبية في العمل الدولي بوجه عام، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخضع العالم والمجتمع والمؤسسات الدولية إلى الإرادة الأمريكية".

وأضاف: "إذا سيطرت الولايات الأمريكية بالنظرة الفلسفية التي يحملها رئيس الإدارة دونالد ترامب؛ فلا شك أنه سيكون هناك انهيار في المنظومة الدولية، وهذا سيؤدي إلى عواقب وخيمة على المجتمع الدولي".

ورأى أن الانسحاب الأمريكي لن يؤثر على عمل مجلس حقوق الإنسان الدولي، وسيستمر في إصدار قراراته وتوصياته بشأن الجرائم التي ترتكب: تلك التي يرتكبها جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، وغيرها في أي بقعة أخرى على الأرض.