فلسطين أون لاين

شكوى الأبوين من الواقع تُفقد الطفل الثقة بالأسرة

...
غزة - صفاء عاشور

في ظل صعوبات الحياة الكثيرة وتعقيدات المتعددة، يجد الآباء والأمهات أنفسهم تحت ضغوط كبيرة لأسباب مختلفة، كمشاكل الحياة الأسرية، أو صعوبة الظروف الاقتصادية، أو خلافات في العمل، أو خلل في بعض العلاقات الاجتماعية، وغير ذلك من المشاكل التي يمرّ بها أي فرد.

عندما يشكو الأهل واقعهم الصعب، قد يفعلون ذلك أمام أطفالهم، فيُصبح الطفل ويُمسي على عبارات التذمر ورفض الواقع، ولهذا تأثيرات سلبية كبيرة على نفسيته وعلاقته بالأسرة والمجتمع..

مشاركةٌ ولكن..

الأخصائي النفسي والاجتماعي الدكتور درداح الشاعر قال إن المشاركة الوجدانية والعاطفية للأطفال في الأسرة، وتحمل بعض المسئوليات المتعلقة بها، وإدراك بعض من مشاكلها، أمرٌ جميل، ولكن يجب ألا تقترن هذه المشاركة بمعرفة الطفل بالكثير من المشاكل، ويجب ألّا تؤدي إلى تحمله أعباء نفسية تزيد على طاقته، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي.

وأضاف في حديث لـ"فلسطين": "في حال كانت الشكوى أمام الطفل محدودة جدا ولمرات قليلة، فربما يشعر بوجود مسئولية ملقاة على عاتقه لتجاوز الأزمة والمشاركة في حلها، ولكن إذا كانت الأزمة دائمة ومستمرة وتذمر رب الأسرة منها لا يتوقف، فالأمر سينعكس سلبا على الطفل".

وتابع: "شكوى الأهل من الظروف الصعبة باستمرار يمكن أن تُولد شعورًا بالإحباط والفشل والعجز عند الطفل، وتوصل رسالة له بأن أسرته عاجزة عن تلبية حاجياته، مما يُشعره بالخوف والقلق من المستقبل أو التواصل مع المجتمع المحيط به، وسيشعر بالظلم الاجتماعي الواقع على الأسرة الذي أفقدها المجتمع كل مقومات الحياة الكريمة".

وواصل: "التأثيرات السلبية تمتد إلى فقدان ثقة الطفل بأسرته، وبقدرتها على إشباع حاجاته، وسينظر لها بعين الريبة والخوف".

وبين الشاعر: "السبب في هذا التأثر السلبي أن الطفل لا يدرك المتغيرات الاقتصادية التي تمر بها الأسرة والمجتمع، وفي ذات الوقت يعيش في ظل أجواء لا يرى منها إلا الجانب السلبي من الحياة بسبب تذمر أهله".

ونبّه إلى أن اكتفاء الأهل بالشكوى أمام الطفل، دون اطلاعه على مساعيهم لإيجاد الحلول، من شأنه أن يدفعه للتعامل مع المشاكل بالمثل في مستقبله، بحيث ستكون السلبية في التعامل مع المواقف المختلفة ستكون نهجا في حياته، إذ سيتعلم أن مواجهة مشاكل الحياة تكون بالشكوى دون البحث عن حلول.

وأوضح الشاعر: "تلك الآثار السلبية على نفسية الطفل مدمرة، ولكن يمكن تغييرها، إذا أظهر الأهل جانبا إيجابيًا للحياة، وبادروا لتلبية احتياجات الطفل قدر الإمكان، والتي غالبا ما تكون بسيطة، مع التأكيد له على وجود فسحة من الأمل، وأهمية السعي للوصول للأفضل دون التوقف عن العقبات".