منظمة التحرير الفلسطينية إطار سياسي مهترئ فقد صلاحيته منذ زمن طويل، ومع ذلك تجد قيادات في العمل الإسلامي والوطني يحرصون على التمسك بأهدابها, هذا الإطار المتداعي الفاقد للصلاحية. الإطار الموجود لا يزيد عن شكل وهيكل فارغ المضمون، والموجود من الإطار فقط محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية رئيس فتح رئيس السلطة.
النظام العربي الذي أشرف يوما على إنشاء منظمة التحرير، وضمها إلى الجامعة العربية، هو أيضا يتمسك بأهداب منظمة التحرير، وهو يعلم علم اليقين أنها شكل لا جوهر ممتلئ، وأنها جزء من تاريخ ماض أكثر منها جزءا من تاريخ مستقبلي قادم.
بعض الفصائل الفلسطينية تعلم الحقيقة جيدة، ولقد حاولت مرة أن تتحدث في إنشاء البديل إذا لم يستجب عباس للإصلاح، ولكن سرعان ما تراجعت هذه القيادات أمام هجوم عباس وفتح والنظام العربي، وكأن الجميع توافق على أنه يريد منظمة ميتة، أو إطارا شكليا يمثل الفلسطينيين تحت مظلة الأنظمة العربية النافذة.
لا أحد يفكر بالبديل، ومن أواخر من جدد مقالة أنه لا يفكر بالبديل هو قيادات من حماس، وكأن التفكير في البديل محرم شرعا، وقانونا، وسياسة، مع أن الناس تفكر باستبدال الضعفاء، وكل من انتهت صلاحيته، والعالم يبحث دائما عن التجديد من خلال الموجود، لأن التجديد سنة من سنن الحياة. فإما أن تكون المنظمة جسما قويا فاعلا ولا غبار عليه، وإما أن يكون جسما ميتا ، وعندها يجدر التفكير بالبديل؟!
منذ أن تمّ إنشاء السلطة الفلسطينية فقدت المنظمة بريقها، وجلّ وجودها، وأصبحت تتلقى رواتبها ومخصصاتها من السلطة نفسها، مع أن عباس يصر على أن المنظمة هي مرجعية السلطة، لأن حماس والجهاد خارج المنظمة، وحين تنضم حماس والجهاد فرضا إلى المنظمة كمظلة وطنية شاملة لن تكون المنظمة مرجعية للسلطة، ومن ثمة لا داعي أبدا لكل الأقوال التي تتحدث عن أنه لا بديل للمنظمة، لأنه لا أحد يمتلك القوة والتأييد العربي والإقليمي لإنشاء البديل، والنظام العربي مرتاح جدا لهذا الوضع القائم.
جلّ المتحدثين في الموضوع من الفصائل يتحدثون عن إصلاح المنظمة، وعن إعادة بنائها، وضم الفصائل التي نشأت خارجها إليها، ولكن محمود عباس يرفض دعوة الإصلاح، وإعادة البناء عمليا، وإن دعا إليها شكليا، وهو يريد من حماس والجهاد الإسلامي الاعتراف أولا ببرنامج المنظمة السياسي، الذي هو برنامجه التفاوضي، وهو أمر يدخل في دائرة المستحيل عند الحركتين على أقل تقدير، وبناء عليه نتساءل ما فائدة الحديث عن إصلاح المنظمة ونحن نعرف الجواب مسبقا؟! وما فائدة الحديث عن رفض الذهاب إلى البديل، ونحن نعرف أن أحدا لا يستطيع الآن إنشاء البديل في ظل هذه الظروف الراهنة، لذا فإن حديث القيادات في الإصلاح والبديل بات حديثا مكررا وممجوجا، ولا يتجاوز أوراق الصحف، وصفحات الإعلام الجديد، مع أن فلسطين في حاجة ماسة إما للإصلاح، وإما للبديل، وبقاء الحال على ما هو عليه فيه مضرة كبيرة.