ربما تنظر إلى مشهدين: الأول سجين يتوسل إلى سجانه وينحني عند قدميه مستجديا له وموافقا على كل ما يطلبه، ومشهد آخر: سجين مقيد بالأغلال يُضرب ويعذب بشتى الطرق ولكنه يتوعد سجانه بالقتل والموت فيبصق في وجه سجانه ويرفض الانصياع والخضوع له.
إن ما سبق هو نموذج من الحياة بين العزة والذل، صحيح أنه ظاهر الذل بداية قد يكون الحصول على امتيازات مالية وحياتية، لكن أصحاب هذا النموذج تكون دائما نهايتهم مذلة أكثر من التوسل والانحناء وطأطأة الرأس لأنهم ينتهون عندما ينتهي دورهم، وتكون نهايتهم كارثية عليهم فقط، ولا يذكرهم التاريخ، ويبقى الذل يلاحقهم بعد مماتهم ويوصفون أنهم كانوا أذلاء لم يعيشوا بكرامة.
أما النموذج الآخر وهو العزة صحيح أن ضريبة العزة والعيش بكرامة خاصة في هذا الوقت الذي تفرض فيه المؤامرات بحق الشعب الفلسطيني، كبيرة من حصار وتشديد الخناق، لكن في النهاية فإن أصحاب الكرامة والحرية على مدار التاريخ انتصروا على أعدائهم وحرروا أوطانهم وبذلوا تضحيات كبيرة، وكانت النهاية مشرقة وقادوا ثورات شعوبهم لبر الأمان.
الزعيم الأمريكي مارتن لوثر كينغ من أصول إفريقية قاد ثورة ضد التمييز، ورئيس جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا سياسي مناهض لسياسة الفصل العنصري، والزعيم الروحي للهند خلال حركة الاستقلال مهاتما غاندي قاوم الاستبداد، فهؤلاء لا ينساهم التاريخ وشعوبهم وهم أصحاب نموذج العزة والتحرر وبالتأكيد إن المستقبل في فلسطين وحتى الأمتين العربية والإسلامية لأصحاب هذا النموذج، أما نموذج الذل لن يبقى له مكان لأن الشعوب حرة بالفطرة ولا تقبل حالة الذل.