يعاني معظم الرجال في المجتمعات الشرقية خاصةً، من مشكلة غيرة الزوجة المفرطة التي تمارسها من خلال عدة تصرفات أساسها فرض الحصار وتشديد المراقبة وكثرة التساؤلات حول مع من قضيت وقتك؟.. وأين كنت في الساعة الفلانية؟.. ومن صاحب الرقم الغريب الذي اتصل بك؟ ولماذا كان هاتفك مشغولاً في الساعة كذا؟ وتصبح هذه التصرفات سمة الحياة الزوجية إلى أمد طويل.
وتنتج الغيرة عن الإحساس بخطر خارجي يهدد علاقة المرأة بزوجها، وهو الأمر الذي رده الخبراء إلى حب الزوجة لزوجها، كما أن الغيرة تعد جزءا من إجراءات الزوجة المتبعة لمواجهة هذا الخطر، ولكن غالباً ما تتحول هذه الغيرة إلى جحيمٍ يحيط بالحياة الزوجية، وشبح يطارد الزوج قبل الزوجة، لأن غيرة الزوجة غالباً ما يرافقها هواجس وتخيلات كبيرة للغاية قد تفوق أفعال ورغبات الزوج نفسه.
اتسام الحياة الزوجية بهذا الواقع المرير، يعني الوصول إلى مرحلة من الصعب التراجع عنها أو تغييرها، دون أن يقوم الزوج بتسليم مفاتيح حياته الشخصية كاملةً لزوجته من أجل منحها الاطمئنان الذي تريد.
ولكنْ قلةٌ من الرجال فقط القادرون على التعامل مع غيرة الزوجة وتذويبها وإعادة الحياة الزوجية إلى طبيعتها المستقرة ونشأتها الأولى دون التخلي عن حقوقهم بالرجولة، والخصوصية التي تعد حقاً لكل فرد، من خلال اتباع إجراءات غير اعتيادية، أو بالأحرى "أفكار إبداعية".
*خلق أزمة حقيقية: هذا التكتيك يتبعه الزوج الذي يعاني من هواجس الزوجة غير الحقيقية، وخاصة عندما توجه له اتهامات بالارتباط عاطفياً بامرأة أخرى، والحل الأمثل هنا هو ألا يقوم الرجل بتكذيب هذه الاتهامات، لأن الجهود المبذولة لإثبات خطأ ذلك هي جهود ضائعة لاعتبار أن أحاسيس الزوجة لا يمكنها الكذب، بل يجب على الزوج الاعتراف بهذه الاتهامات كاملةً، والشعور بالذنب لأجل ذلك، وأنه يحاول التغلب على ذلك، هنا تبدأ الزوجة بالبحث عن نواقصها، والعمل على سد ثغراتها من أجل أن تصبح أفضل امرأة في نظر زوجها.
*تحديد مصدر الغيرة: يجب تحديد مصدر غيرة الزوجة، وإبعاد هذا المصدر عن الحياة الزوجية خاصةً إذا كان هذا المصدر هو امرأة لا تقوم بينها وبين الزوج علاقة متواصلة. وإن كان من الصعوبة قطع العلاقة بهذا المصدر، كأن يكون زميلة عمل تجمعها بالزوج علاقة عمل متواصلة، فالحل الأمثل هو تقريب الزوجة من الزميلة وإنشاء علاقة صداقة بينهما، والقائمة على التواصل من أجل العمل.
*تحديد سبب الغيرة: هناك مسببات عديدة للغيرة، ولكن أبرزها اثنتان؛ الأولى تقوم على الحب والمشاعر، والثانية تقوم على حب التملك والاستحواذ، فإذا كان سبب الغيرة هو الحب والمشاعر فعلى الزوج أن يعالج هذه الغيرة بمنح زوجته نفس المقدار من المشاعر، فهذا يخلق الاستقرار العاطفي بينهما، ويمنح الزوجة الطمأنينة التي تريد.
أما إذا كان سبب الغيرة هو حب التملك والاستحواذ، فهذا يتطلب وقفة جادة لدى الرجل من أجل إيقاف زوجته عن ذلك، لأن حب تملك الزوجة لزوجها ومحاولتها الهيمنة على حياته الشخصية أحد أبرز الأسباب التي تذيب شخصية الرجل كرب أسرة وكصاحب قوامة، وهنا لا يجب أن نغفل عن أن أحد أسباب ظهور حب التملك لدى الزوجة، هو إهمال الزوج لزوجته وعدم منحها الجانب الأكبر من حياته، ويمكن العمل على إنهاء هذه الغيرة بمنح الزوجة مقداراً من الاهتمام وتبادل المشاعر، والحرص على تقديم الهدايا لها في المناسبات.
*تعزيز الثقة بالنفس: من الضروري جداً أن يدفع الزوج بزوجته لتعزيز ثقتها بنفسها كأن يمدح جمالها وحسن أخلاقها وذوقها واختياراتها، ومن جانبٍ آخر، منحها الثقة به من خلال إعلامها أنها سيدة النساء بالنسبة له وأنه لا يفكر بأحد سواها، وأنه يشتاق لمجالستها عندما يغيب لساعات عن المنزل.. إلخ.
مقاومة الغيرة
العمل على التخلص من الغيرة لا يمكن أن يتم من خلال الرجل وحده، بل يجب على الزوجة أن يكون لديها الدافعية لمقاومة الغيرة وعدم تجاوز حدودها أيضاً، ويقول المتخصص الاجتماعي إياد الشوربجي، إن ثمة نصائح يجب أن تتخذها الزوجة بعين الاعتبار من أجل التخلص من الغيرة القاتلة والتي تؤدي إلى هلاك الحياة الزوجية.
وأوضح الشوربجي في حديثه لـ"فلسطين" أن من بين هذه النصائح، أنه يجب عليك أيتها الزوجة ألا تأخذي دور المراقب والحامي للطرف الآخر من المخاطر الخارجية، "يتعين عليكِ تحسين صورتك الذاتية أمام زوجك، فربما أنتِ لست الأفضل والأجمل، ولكن بالتأكيد لديك الكثير من الصفات التي تجعلك مميزة، ويجب أن يكون لديكِ ثقة كبيرة بنفسك الأمر الذي يجعلكِ الأفضل في نظر زوجك".
وشدد الشوربجي على ضرورة أن تتحلى الزوجة بالقدرة على السيطرة على النفس، وعدم توجيه الاتهامات والادعاءات لزوجها بسبب قيامه بفعل مارق أو لحديثه مع زميلته في العمل أو لأي سبب كان، لاعتبار أن توجيه الاتهامات يبدد الثقة ويهدم العمار بين الزوجين.
وأكد أن التخلص من الشعور بالغيرة، يكون بالوصول إلى مرحلة تمتنع فيها الزوجات عن مقارنة أنفسهن بالغير، مع الحرص على عدم إهمال الزوج والظهور بأجمل مظهر وأفضل هيئة.
وثمة دراسة اجتماعية برازيلية تقول إنه يتوجب على كل امرأة أن تتعلم أو تتدرب على كيفية التعامل مع هذا الشعور؛ فهناك أسباب معقولة للغيرة، وأخرى تافهة جداً، ولا داعي أن يكون رد الفعل عنيفاً أكثر من اللازم.