القرآن يعبر عن الرجل بالزوج أحيانًا وبالبعل أحيانًا أخرى, وعن المرأة بالزوج وبالمرأة في بعض المواضع؛ فالسر في ذلك أن معنى (الزوج) يقوم على الاقتران القائم على التماثل والاتفاق والانسجام التام؛ فالزوج فرد انضم إليه مماثل له من جنسه, ولذا تستعمل للرجل والمرأة، ولذلك لا يطلق القرآن كلمة (زوج) على الرجل أو المرأة إلا إذا كانت الحياة الزوجية متفقة ومستقرة, ومن ذلك قوله (تعالى): [وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ] {الفرقان:74}, أما إذا حدث خلل في الحياة الزوجية فإن القرآن يطلق على كل منهما بعل, وامرأة ومن ذلك:
- عند الاختلاف في الدين مثل: امرأة نوح وامرأة لوط وامرأة فرعون، ولم يقل زوج نوح ... إلخ.
- عند حدوث نزاع أو خلافات في الحياة الزوجية، قال (تعالى): [وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا] {النساء:128}.
- عدم الإنجاب، ومن دقة التعبير القرآني أن امرأة زكريا (عليه السلام) تسمى (امرأة) في المواضع: [وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ] {آل عمران:40}, [وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا] {مريم:5}, إلا في موضع واحد سميت (زوجًا) عندما ولدت (يحيى) في قوله (تعالى): [فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ] {الأنبياء:90}.
ومن هنا ندرك السر في التعبير في قوله: [وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ] {النور:31})، لماذا لم يقل لأزاوجهن؟، لأن البعل أعم؛ فالزوج لا تطلق إلا في حال الاتفاق والانسجام، فلو قال الله (تعالى): "ولا يبدين زينتهن إلا لأزواجهن" لقلنا إن المرأة وقت الخلافات الزوجية أو عدم الإنجاب لا تظهر زينتها لبعلها.
أما لفظ (امرأة) فقد قال (تعالى): [وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي المَدِينَةِ امْرَأَةُ العَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ]{يوسف:30}, وقال أيضًا: [ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ] {التَّحريم:10}, وقال أيضًا: [وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ] {التَّحريم:11}.
فقد ذكر الله امرأة, ولم يذكر زوجًا، لأن ذكر لفظ امرأة يدل على وجود خلاف ومشاكل بينها وبين زوجها، بخلاف قوله (تعالى) في سورة البقرة: [وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ] {البقرة:35}, فلم يكن بين آدم (عليه السلام) وزوجه حواء أي خلاف.