هناك فرق بين الآيتين؛ فتارة يقدم العمل على الخبرة, وأخرى يقدم الخبرة على العمل, والقرآن معجز في ترتيبه وتركيبه, وليس ذلك إلا للقرآن الكريم, لننظر في الآيات حتى يتجلى لنا الفرق بين الصيغتين.
فإذا كان السياق في غير العمل ويتكلم عن الإنسان في غير عمل كالقلب, أو السياق في أمور قلبية, أو في صفات الله عز وجل, يقدم صفة الخبير على العمل،[وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ], هذا خط عام.
وإذا كان السياق في عمل الإنسان يُقدَم العمل على الخبرة, [وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ], وإذا كان السياق في أمور قلبية أو عن الله سبحانه وتعالى يقول [وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ].
ولننظر في الآيات حتى تتضح الصورة:
[زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ] {التغابن:7-8}.
في هذه الآيات تحدث فيها عن الإنسان وعمله, فقد العمل [وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ].
أما في قوله تعالى: [وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ] {النور:53} .
فالنفاق أمر قلبي وليس عملًا فقدم الخبرة [إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ].
فهذه قاعدة عامة: إذا كان الكلام عن عمل الإنسان يقدم العمل على الخبرة وإذا كان الكلام ليس عن العمل وإنما في أمر قلبي, أو الكلام على الله سبحانه وتعالى يقدم الخبرة.