في الثامن من شهر رمضان في عام 455ه, 4 سبتمبر 1063م, يوم الأربعاء وصل السلطان السلجوقي محمد ألب أرسلان إلى سدة الحكم في الإمبراطورية السلجوقية الإسلامية، وألب أرسلان تعني بالتركية الأسد الشجاع، ومن أراد أن يعرف كيف تنهض الأمم؟, وكيف تبنى الحضارة؟, وكيف تتحقق الانتصارات العظيمة؟؛ فليقرأ عن هذا السلطان التركي الأصيل, فعندما وصل إلى الحكم بدأ يقرب العلماء ويفتح لهم السدود والحدود لينهضوا بالأمة في عهده، وصل إلى سدة رئاسة الحكومة في الدولة السلجوقية في عهده العالم الكبير الوزير نظام الملك الطوسي، الذي يعد أعظم وزير في تاريخ الإسلام، وبدأ ينفذ سياسة السلطان محمد ألب أرسلان، فقرّب العلماء، أمثال: أبي حامد الغزالي، وعمر الخيام، والجرجاني، والطرطوشي، وغيرهم, وبدأت الدولة تنشئ الجامعات والمدارس والمشافي، والجدير أن هذه الآثار الحضارية باقية إلى الآن، فالمدارس النظامية لا تزال آثارها في بغداد إلى الآن, وسميت النظامية نسبة إلى مؤسسها نظام الملك الطوسي.
لقد أشعلت الدولة السلجوقية نهضة حضارية عظيمة في العالم الإسلامي، بل تأثر العالم أجمع بحضارتهم، ولا نبالغ عندما نقول: إن أصول الفكر الإسلامي الوسطي الذي يحمل فكر مشروع المقاومة والتحرير هو من إنتاج علماء الدولة السلجوقية، وهو الفكر الذي تربى عليه قادة مشروع تحرير القدس وفلسطين من الاحتلال الصليبي، أمثال: الأمير التركي مودود، والأمير آق سنقر البرسقي، والأمير عماد الدين زنكي, والأمير نور الدين زنكي، والسلطان صلاح الدين الأيوبي، فهم جميعهم أبناء مدرسة واحدة تأسست في عصر السلاجقة العظام.
وعند الحديث عن السلطان العظيم محمد ألب أرسلان لا يمكن إغفال أعظم انتصار حققه هذا السلطان على أكبر قوة بالأرض في ذلك الوقت "الإمبراطورية البيزنطية"، في معركة الأكفان الشهيرة (ملاذكرت) 1071م, التي وقعت في شهر رمضان.