إن فتح القسطنطينية عام 1453م في شهر رمضان من أعظم أحداث التاريخ الإنساني, فقد اعتمد المؤرخون هذا التاريخ حدًّا فاصلًا بين انتهاء العصور الوسطى وبداية العصر الحديث.
بدأت العمليات العسكرية العثمانية, من أجل فتح القسطنطينية, وبدأت تُدك المدينة بالمدافع العثمانية العملاقة, التي صُنعت خصيصى لذلك, ثم بدأت فرق النقابين تنقب الأسوار, وتضع جذوع الأشجار الضخمة, وتشعل بها النيران, ثم تصب عليها الزيوت والدهون, وتتحرك سفن الأسطول الإسلامي في بحر مرمرة, ومضيق البسفور, وتتسلق فرق النخبة في الجيش العثماني السلالم والأبراج.
كل هذه المحاولات باءت بالفشل أمام مدينة القسطنطينية التي استعصت على كبار القادة المسلمين, منذ معاوية بن أبي سفيان, وابنه يزيد، مرورًا بسليمان بن عبد الملك, ومسلمة بن عبد الملك, وكبار قادة وسلاطين الدولة العثمانية, حتى والد محمد الفاتح, هذه المدينة التي أنشأها الإمبراطور البيزنطي قسطنطين عام 330م, في مكان إستراتيجي أمني من الطراز الأول؛ فهي تحيط بها المياه من ثلاث جهات, حتى وصفها كبار القادة العسكريين في التاريخ بقولهم: "لو أن الدنيا أصبحت دولة واحدة وأردنا أن نختار لها عاصمة فستختار القسطنطينية".
أمام هذه الانتكاسة للجيش الإسلامي تحت أسوار القسطنطينية قرر محمد الفاتح استخدام سلاح الأنفاق, وبدأت فرق الأنفاق تحفر تحت أسوار القسطنطينية, وعندما تنبه الجيش البيزنطي إلى هذه الأنفاق بدأ يحفر أنفاقًا مضادة لتلتقي بأنفاق العثمانيين, ثم صبوا فيها الزيوت والدهون المغلاة, فاستشهد مئات الشهداء تحت أسوار القسطنطينية (لا يعلمهم إلا الله), واعتقد كثير من الناس أن سلاح الأنفاق فشل, وليس له فعالية أو دور في فتح القسطنطينية، التي فتحت بعد ذلك بأيام.