فلسطين أون لاين

أحمد غنى الحلم العربي برغبة أستاذه فأبدع

...
غزة/ أدهم الشريف:

"سأعطيك أصعب مقطع في الحلم العربي"، ازدرد أحمد مراد لعابه وهو يسمع من مدرس الموسيقا المصري صفوان بعض التعليمات لأداء (الأوبريت) الأشهر عربيًّا، في واحدة من المناسبات الوطنية في دولة الإمارات.

لم يكن أحمد سوى فتى فلسطيني موهوب منذ الصغر وشغوف بالموسيقا والغناء، وهذا ما جعله واحدًا من أكثر الطلبة في إحدى مدارس إمارة الشارقة محط أنظار المدرس صفوان.

ولأن أحمد في المرحلة الابتدائية كانت لديه القدرة على العزف على بعض الآلات الموسيقية، ومنها (الأكورديون)، فأصر المدرس المصري على أن يكون واحدًا من أبرز عناصر فرقته الموسيقية.

"أذكر جيدًا كيف اختارني عندما كنت صغيرًا لأكون واحدًا من الفرقة التي حلمت بالانضمام إليها، لم تسعني الفرحة يومها".

"لاحقًا، يصر الأستاذ على اختباري مجددًا ليس في الأداء الموسيقي، بل في الغناء هذه المرة بعدما اكتشف خامة الصوت التي لدي" يقول أحمد الذي يبلغ من العمر الآن (29) عامًا.

"لقد اهتم بي كثيرًا وساعدني على كسر حاجز الرهبة وأكسبني الخبرة، ومكنني من الخروج للغناء أمام طلاب المدرسة قبل أن أصبح قادرًا على المشاركة في الاحتفالات المدرسية، والمناسبات الوطنية الإماراتية".

لم يمضِ الكثير على كسبه ثقة أستاذ الموسيقا، حتى اختير مجددًا لأداء أغنية الحلم العربي ضمن الفرقة المدرسية في واحدة من المناسبات في دولة الإمارات.

يضيف أحمد: "لم أتوقع في البداية أن يختارني المدرس، لكنه بالفعل اختارني وأعطاني مقطعًا للفنانة ذكرى، كان من أصعب مقاطع الأغنية، لكن ذلك لم يمنعني من أدائه جيدًا".

وعندما بدأ الفلسطيني أحمد المرحلة الإعدادية حرص على المشاركة في مسابقات غنائية، تسلم على إثرها جوائز وشهادات تقدير لا يزال يحتفظ بها إلى يومنا هذا، وأهمها جائزة "حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز"، التي أقيمت على مستوى دول الخليج العربي.

ويثمن دور والديه كذلك في تحفيزه وتشجيعه على تطوير ذاته، بعدما أدركا أن نجلهما لديه ما يمكنه من أن يكون فنانًا معروفًا.

أما عندما انتقل إلى الثانوية فخصصت له إدارة المدرسة فقرة الصباح كل يوم ثلاثاء ضمن الإذاعة المدرسية داخل المعهد نفسه، لأداء فقرة غنائية.

استطاع أحمد تطوير موهبة الغناء لديه حتى أنهى الثانوية بقدرة كبيرة على أداء الأغاني بجودة عالية.

"لاحقًا بعد سنوات استطعت أنا ومجموعة من الشبان الفلسطينيين تشكيل فرقة غنائية فلسطينية، تهتم بالأغاني الوطنية وتروج للقضية من طريق الفن".

"كنا نحيي الحفلات والمناسبات، ومرغوبين لدى الجميع هناك، وعندما كنت أغني كانت مشاعري كلها متأثرة بفلسطين وقضيتنا".

لكن لأسباب أجبرته على مغادرة الإمارات عاد أحمد إلى غزة وحده، بعد أن أمضى 22 عامًا هناك، حيث ولد وترعرع.

ولم يكبح ذلك جماحه، بعد أن عاد في آب (أغسطس) 2010م إلى قطاع غزة، الذي شهد عدوانًا إسرائيليًّا موسعًا في نهاية 2008م ومطلع 2009م.

يقول أحمد: "كنت أشاهد القصف والقتل عبر التلفاز، تابعنا كيف عانى أهالي قطاع غزة كل هذا، وكانت قلوبنا معهم".

وبعد عودته قرر الاستقرار في غزة ودراسة الصحافة والإعلام في جامعة الأمة، وإكمال مشوار الغناء والإنشاد.

واستطاع خلال عمله في أستوديوهات وشركات إنتاج فني محلية، وأيضًا مع ملحنين ومغنين إنتاج عشرات الأغاني والأناشيد، وبثها عبر (الإنترنت)، فضلاً عن مشاركته في العديد من الحفلات والمناسبات بغزة.

يضيف أحمد: "يجب ألا نقيس أنفسنا بما أنجزنا حتى الآن، ولكن بما يجب أن نحقق مقارنة بقدراتنا".

وإن كان هذا الشاب الطموح غير راضٍ عما وصل إليه مستواه في الأداء الفني، ويسعى بكل ما أوتي من قدرة فنية إلى تطوير ذاته وأدائه، ويحفز نفسه أيضًا على الوصول إلى أعلى النتائج؛ فهو لم ينس بتاتًا المصري صفوان، ذلك المدرس الذي لقنه وعلمه الموسيقا منذ كان صغيرًا، وأسس فيه لبنة ما زال يجني ثمارها.

يقول أحمد: "إذا رأيته فلاشك أني سأشكره ألف مرة بدل المرة الواحدة، فعلاً سأشكره وسأغني معه الحلم العربي من جديد".