فلسطين أون لاين

​بئر السبع... ملتقى طرق التجارة العالمية عبر التاريخ

...
خان يونس - الأناضول

تبعد مدينة بئر السبع عن القدس من الجنوب الغربي حوالي "71 كيلومتراً"، وتقع شمال صحراء النقب، في منتصف المسافة بين البحريْن الميت والمتوسط، حيث تبعد عن الأخير حوالي 80 كيلومتراً، و"الميت" تقريبًا 75 كيلومتراً، وهو ما أعطاها ميزة، وجعل منها ملتقى طرق التجارة العالمية عبر التاريخ.

ويقول الدكتور غسان وشاح، رئيس قسم التاريخ والآثار في الجامعة الإسلامية بغزة، إن مدينة "بئر السبع"، هي مدينة فلسطينية بناها الكنعانيين الأقحاح، وفق الروايات التاريخية قبل آلاف السنين، وذكرت في التوراة.

وقدر "وشاح" ، عدد سكانها حالياً بحوالي "200 ألف نسمة" غالبيتهم من المستوطنين اليهود، بعد تهجير أهلها عام 1948.

ويضيف:" هي مدينة أثرية، عثر على أحافير بها، ولُقَى تاريخية، وآثار تدلل على وجود حضارات قديمة، يونانية، وبيزنطية ورومانية، وإسلامية، وأعلنتها اليونسكو عام 2005 أحد المدن التاريخية".

ويوجد بالمدينة سوق قديم يُسمى "سوق البدو"، يعود لعصر الدولة العثمانية، ومحطة قطارات أسسها السلطان عبد الحميد الثاني، لربط أجزاء الإمبراطورية ببعضها البعض، ومسجد عثماني بنى في الفترة ما بين 1900-1905، حولته (إسرائيل) إلى متحف.

وتعتبر "بئر السبع" من أوائل المُدن التي فتحها عمرو بن العاص عام 630، وكان بها قصر باسمه، بحسب وشاح.

وعندما بدأت العصابات الصهيونية في احتلال فلسطين عام 1948، تم مهاجمة المدينة بشراسة باستخدام الطائرات، واحتلتها في 21 أكتوبر/تشرين أول 1948، رغم دفاع أهلها عنها باستماتة.

وأصبح سكان بئر السبع، بعد تشريدهم لاجئين في مناطق عديدة، وبخاصة في قطاع غزة، والضفة الغربية والأردن.

ويستحضر ناجح الحميدي "60 عامًا"، اللاجئ الذي تعود جذوره لمدينة بئر السبع، جزءاً مما سمعه من والديه وما قرأه في الكُتب والروايات والناجين من مجازر "النكبة".

ويقول الحميدي" معظم سكان مدينتي كانوا من البدو، وتتشابه عاداتهم وتقاليدهم، وهم امتداد لمنطقة سيناء المصرية الملاصقة تمامًا لها من الناحية الجنوبية، كما أنها تعتبر بوابة فلسطين التجارية، ومرت بها القوافل للشام والأردن على مر التاريخ".

ويضيف:" في قريتنا قبل أن تُحتل مدارس منها: مدرسة أبو ستّة، والزريعي، وأبو غليون؛ كما يوجد بها مسجد بُني في العهد العثماني وهو (المسجد الكبير)، ومبنى مجلس بلدي، ومجلس عشائر للقضاء الُعرفي".

ومن أبر قبائل المدينة: الترابين، التييايه، السواركة، الحناجرة، الملالحة، السعادين، الكعابنة، العزازمة..، ولكل قبيلة عشائر وعائلات، تنطوي تحتها، بحسب الحميدي.

ويقول الحميدي، إن قبائل المدينة توحدت عام 1915 وكونت فرقة تقدر بحوالي "1500 عنصر"، وحاربت الاستعمال البريطاني في سيناء، وأسروا كتيبة بريطانية، لكن القصف المدفعي الكثيف مقارنة بالعتاد القليل الذي يمتلكونه، دفعهم للهروب والعودة لفلسطين، وارتقى منهم شهداء، حسب قوله.

وكان سكان "بئر السبع" يعتمدون على الزراعة ورعي المواشي، ويصدّرون البضائع لمدينة يافا الساحلية للتصدير للخارج.

ويشير إلى أن عدد سكان المدينة كان قبل النكبة يتجاوز الـ 100 ألف نسمة"، تبقى منهم حوالي 10 آلاف بعدها، وفرضت عليهم جنسية الاحتلال الإسرائيلي، وسلبت منهم غالبية أراضيهم وممتلكاتهم.

ويشير إلى أنه زار المدينة مرات عديدة، برفقة والده، خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي، مضيفاً:" وجدنا أملاكنا يستغلها الاحتلال في زراعة محصول القطن، وكنا ننظر لها بحسرة، دون أن نتمكن من دخولها".

ويلفت "الحميدي" إلى أن (إسرائيل)، تعمل منذ عام 1948 وحتى الآن على مصادرة أراضي الفلسطينيين الذين تبقوا في بئر السبع، والمناطق المحيطة بها.

كما يعاني السكان "كما يقول الحميدي"، من عدم وجود خدمات التعليم، والصحة، والمياه، التي يضطروا لنقلها من مسافات بعيدة.