قال محللون سياسيون مصريون، إن استضافة القاهرة لاحتفال إسرائيلي بالذكرى السنوية الـ 70 للنكبة الفلسطينية، لم يكن ليتم دون منح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الضوء الأخضر لهذا الحدث.
واعتبر هؤلاء أن الاحتفال "كان خطوة متوقعة في ظل سلسلة تنازلات قدمتها الحكومة المصرية والرئيس السيسي لـ(إسرائيل)؛ بدأت بحصار غزة ثم لقاء السيسي نتنياهو سرًا في الأردن، وعلنًا في واشنطن، فضلًا عن التنسيق الأمني في سيناء".
وكانت السفارة الإسرائيلية في القاهرة قد نظمت الثلاثاء الماضي، احتفالًا بذكرى قيام دولتها، المتزامن مع الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية.
ورأى الباحث في الشأن القومي العربي، محمد سيف الدولة، أن سبب "تجرؤ الصهاينة على الظهور والتواجد علانية وسط أكثر المناطق المصرية ازدحامًا (القاهرة)، سببه صمت النخبة المصرية على تقارب السيسي مع (تل أبيب) وإفساح المجال للتطبيع"، وفق تقديره.
وأضاف سيف الدولة لوكالة "قدس برس"، أن "الرضا الأمريكي والدعم الإسرائيلي والكفالة السعودية والخليجية للسيسي، وبطش أجهزة الأمن وقبضتها الحديدية على المعارضين، والانحياز المصري الرسمي لـ(إسرائيل) في عدوانها على غزة عام 2014، ومطالبة السيسي عام 2015 بتوسيع (السلام) مع (تل أبيب) ليمتد للخليج، جميعها خطوات مهدت لاحتفال السفارة الإسرائيلية".
وتابع: "تدنيس العدو الصهيوني، لقلب القاهرة بالاحتفال، ليس سوى نتيجة طبيعية ومتوقعة وامتدادًا لسياسات كثيرة ومتلاحقة كانت تحدث أمام أعيننا وتحت أبصارنا منذ بضع سنوات، ولكننا صمتنا عنها".
وأشار إلى "تمادي السيسي في الاستخفاف بمشاعر المصريين الوطنية، بسياساته التي تعتدي يوميًا وتتناقض جذريًا مع الثوابت الوطنية والقومية، وكل مبادئ ومشروعات التحرر والتغيير التي تبنتها ثورة يناير وكل الثورات المصرية".
ولفت سيف الدولة إلى ضرورة "إحياء كل حركات النضال المصرية العريقة ضد الصهيونية و"كامب ديفيد"، والعمل على التصدي العاجل والمستمر للمد الإسرائيلي في مصر".
بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، د. حسن نافعة، أن السفارة الإسرائيلية لم تكن تجرؤ على الاحتفال بذكرى نكبة فلسطين في أحد أكبر فنادق القاهرة (ريتز كارلتون) وبحضور رسميين وإعلاميين "بدون ضوء أخضر من رأس الدولة".
واعتبر نافعة في تصريحه لوكالة "قدس برس"، أن الاحتفال مؤشر على "الفجوة بين شعب مصر ونظامه الحاكم حاليًا".
وبحسب الخبير بالشؤون السياسية؛ فإن هذه الفجوة أصبحت "غير قابلة للجسر"، معربًا عن اعتقاده بـ "رفض جيش مصر أن تمتهن كرامة بلاده إلى هذه الدرجة".
من جانبه، دعا كبير مستشاري الأمم المتحدة السابق لحقوق الإنسان، نور فرحات، إلى وضع قوائم سوداء للمطبعين الذين شاركوا في احتفال النكبة بالقاهرة ونشر أسماءهم، قائلًا "الفرز مطلوب والاحتقار مرغوب لمن حضروا".
وانتقد فرحات في تصريحات صحفية، أمس، صمت الجامعة العربية التي قال إنها "سبق وقررت قطع العلاقات بكل دولة عربية تعترف بـ(إسرائيل)، بينما احتفلت (إسرائيل) في المبنى الواقع خلف الجامعة العربية".
يذكر أن هذا أول حفل علني تقيمه السفارة الإسرائيلية بفندق كبير بالقاهرة، حيث جرت العادة في احتفالات سابقة أيام الرئيس السابق حسني مبارك، أن تقام حفلاتها وفعاليتها على نطاق محدود بمقر إقامة السفير وبدون إعلان.
وهو أيضًا أول حفل كبير تقيمه السفارة منذ 2011 بعدما هاجم متظاهرون مبناها في القاهرة، وأزالوا للعلم الإسرائيلي من على البناية التي كانت توجد بها السفارة.
ومصر هي أول الدول العربية التي وقعت معاهدة سلام مع (إسرائيل) برعاية أمريكية عام 1979، ومنذ ذلك الحين فشلت كل محاولات التطبيع الشعبي، لتقتصر العلاقات بين القاهرة و(تل أبيب) على التعاون السياسي والدبلوماسي والأمني والاقتصادي.

