فلسطين أون لاين

​الشهيد خليل عطا الله

تحقق حلم "آخر العنقود".. فالتزمت أمّه بالوصية

...
غزة - صفاء عاشور

من عرفوه في حياته، يشهدون بعد رحيله بأخلاقه العالية وبره بأمه وأبيه، وبأن الحياة بكل ملذاتها لم تكن تلهيه كما تفعل مع الكثير من أقرانه، وأكثر من يثني عليه، أمه، تلك المرأة التي لم يفتأ

يذكّرها كل يوم بأنه مشروع شهادة يسير على الأرض.

"خليل عطا الله" (22 عامًا)، ارتقى شهيدًا أول من أمس الجمعة، بعد إصابته برصاصتين إحداهما في الرقبة والأخرى في الرأس، في أثناء مشاركته في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار.

الوصية

في الشهور الأخيرة من حياته، اعتاد أن يتوجه إلى المنطقة الحدودية شرق مدينة غزة، في كل يوم جمعة، مع مجموعة من الشباب الذين يلقون الحجارة على جنود الاحتلال المتمركزين خلف السياج الفاصل، وذلك قبل انطلاق مسيرة العودة بعدّة شهور.

وتقول والدته "أم محمد عطا الله": "لم يكن ينتظر انطلاق المسيرة أو غيرها من الأحداث ليتوجه إلى الحدود، بل كان في كل يوم جمعة يذهب إلى المناطق الشرقية من مدينة غزة ليشارك في إلقاء الحجارة على جنود الاحتلال، حتى أنه أصيب في مرة من المرات، وحينها حزن بشدّة، ليس بسبب الإصابة، بل كان حزينًا لعدم استشهاده".

وتضيف في حديث خاص لـ"فلسطين": "منذ اليوم الأول لانطلاق مسيرة العودة الكبرى، كان خليل يشارك فيها، ولكنه لم يكن يخرج من المنزل إلا بعد أن أقول له (روح الله يسهل عليك)، متابعةً: "في بعض المرات كنت أرفض قول هذه العبارة، فيرجوني، حتى أقولها له، وما إن يسمعها حتى يخرج مسرعاً".

في الجمعة الأخيرة، سارت أحداث يومه بسرعة، حسب وصف والدته، إذ تبين أنه منذ استيقاظه حتى خروجه من المنزل كان يقوم بكل شيء على وجه السرعة، حتى أنه تناول إفطاره على عجل، وقام بتبريد الشاي من خلال نقله من كأس لأخرى، وهو أمر لم يقم به قبل ذلك على الإطلاق.

وتوضح أنه فور انتهائه من تناول الإفطار، خرج للمشاركة في مسيرة العودة، رغم أن موعد التجمع لها كان بعد صلاة الظهر، وبعده توجهت هي وباقي أفراد الأسرة للمشاركة في المسيرة.

بين حين وآخر، كانت تسأل عن "خليل"، فيأتيها الجواب: "هناك، بالقرب من السلك".

وتعبّر الأم الثكلى عن فخرها بابنها، خاصة بعد أن أخبرتها عدد من النسوة أنهن رأينه يسحب السلك الشائك الذي يضعه الاحتلال الإسرائيلي لمنع وصول المتظاهرين من الوصول إلى جنوده، داعيةً بأن يتقبله الله ويجعل مثواه الجنة.

"خليل" هو أصغر أفراد أسرته، كان دائما يوصي أمه وأخواته بألا يبكين أو يصرخن عند استشهاده وفي لحظات وداعه، وأن يحتسبنه عند الله شهيدًا، وقد حاولن أن يتمالكن تنفيذا لوصيته.

في كل جمعة

عمة الشهيد "أم أحمد حرز" تتحدث عن خليل: "كان صاحب خلق عالٍ، وكان الجميع يحبه لهذه الأخلاق رغم صغر سنه".

وتقول لـ"فلسطين: "كان دائم المشاركة في الفعاليات القريبة من السياج الفاصل، وازدادت مشاركته في هذه الفعاليات بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة والاعتراف بها كعاصمة للاحتلال الإسرائيلي".

وتضيف: "كان يتمنى الشهادة، ولطالما طلبها من الله، حتى أنه كان يرفض عروض أمه المستمرة بتزويجه".

وتلفت إلى أنه كان دائماً يعطيها ملابسه المليئة بدماء الشهداء والمصابين الذين كان يحملهم ويوصلهم لسيارات الإسعاف في المواجهات.