حتى اللحظة لم تتضح خارطة الفصائل المشاركة في أعمال الدورة الثالثة والعشرين للمجلس الوطني الفلسطيني. حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتيار الإصلاحي الديمقراطي في حركة فتح قرروا المقاطعة، والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني والمبادرة الوطنية وبعض الفصائل الأخرى ما زالوا يدرسون، حركة فتح وجبهة النضال الشعبي وجبهة التحرير الفلسطينية وفدا وآخرون قرروا المشاركة. والمستقلون ما بين مشارك ومقاطع.
لا أعتقد أن مسألة النصاب القانوني مسألة مهمة، رغم أن (المادة 19) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني تقول: “لا يجوز انعقاد المجلس إلا باكتمال النصاب القانوني ( الذي يتكون) من ثلثي أعضائه على الأقل”.
ليس من السهل بلوغ النصاب القانوني لعدة أسباب:
1- مقاطعة فصائل عديدة لجلسة المجلس الوطني، أهمها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحزب الخلاص، والتيار الإصلاحي الديمقراطي لحركة فتح برئاسة النائب محمد دحلان، وحركة الجهاد الإسلامي، فضلا عن نواب حركة حماس في المجلس التشريعي وعددهم (74 عضواً) انتقل إلى رحمته تعالى أربعة أعضاء منهم.
2- احتمالية رفض بعض أعضاء المجلس الحضور تحت حراب الاحتلال، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: أنيس القاسم، وفاروق القدومي، وعبد الباري عطوان، وآخرون.
3- احتمالية منع الاحتلال بعضًا من أن يدخل الأراضي الفلسطينية.
4- رغبة الفصائل الأخرى في التأثير على المجلس الوطني وعلى القيادة الفلسطينية للعودة للاتفاقيات الموقعة وإشراك الكل الوطني في تلك الجلسة وفقاً لما جاء باتفاق القاهرة و إعلان بيروت، ويتبنى ذلك الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وآخرون.
ومن يتابع المشهد خلال الأيام الأخيرة من عمليات استبدال لأعضاء المجلس الوطني في الاتحادات والنقابات والعسكر، بالإضافة لملء الشواغر في قوائم المستقلين ممن توفاهم الله، والمخالفات القانونية التي رافقت ذلك يصل إلى نتيجة أن المجلس سيعقد بمن حضر، ولا قيمة للنصاب القانوني، الأهم هو تنفيذ تعليمات رئيس اللجنة التنفيذية السيد محمود عباس.
يبقى السؤال المطروح لفصائل العمل الوطني التي قررت المشاركة أو التي ما زالت مترددة لوجود تباينات بين كوادرها التنظيمية أن تحسم الجدل ضمن منطلقات المكاسب السياسية والإعلامية والخسائر، وسأتناولها ضمن سلبيات وإيجابيات المشاركة:
أولاً: إيجابيات المشاركة في المجلس الوطني.
1. حساسية المرحلة التي يعيشها شعبنا في ظل الحديث عن صفقة القرن وتهويد القدس وتصفية الأونروا كمقدمة لتصفية حق العودة، وتعثر المصالحة.. إلخ.
2. اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على المحك، وفاة عضو واحد تلغي شرعيتها السياسية، وهذا يتطلب إعادة انتخاب لجنة تنفيذية جديدة.
ثانياً: سلبيات المشاركة في المجلس الوطني.
1. المشاركة في أعمال المجلس الوطني هي تجاوز للاتفاقيات الموقعة في القاهرة 2/2005 وبيروت /2017م مع كافة الفصائل، وهو من شأنه تعزيز الانقسام.
2. عدم تنفيذ اللجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية توصيات المجلس المركزي لعامي 2015 – 2017م يطرح تساؤلات عن جدوى جلسة الوطني.
3. تأتي المشاركة في ظل عقوبات وإجراءات ظالمة تفرض على قطاع غزة وهو ما يفسر أن المشاركة هي منح شرعية للانفصال وتجاوز القانون الفلسطيني، بالإضافة إلى أنها تشكل استفزازا لكافة موظفي القطاع العام ممن طالهم قانون التقاعد وقطع الرواتب.. إلخ.
4. المشاركة تعني الانقلاب على القانون ولوائح المنظمة لا سيما ما رافق تحضيرات الجلسة من مخالفات قانونية تتعلق بالاستبدال.
5. عقد الجلسة سيمس وحدانية التمثيل لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتفرد قد يشجع باقي الفصائل والنخب لعقد جلسات موازية للمجلس الوطني.
الخلاصة: لا يمكن إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني دون تطبيق إعلان بيروت، الذي يقضي بعقد جلسة يشارك فيها الجميع وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات في كافة المؤسسات الوطنية، وعليه فإن المطلوب من كافة الفصائل المترددة أو التي قررت المشاركة أن تعمل على الضغط على الرئيس عباس من أجل تأجيل الجلسة ومنح فرصة لتطبيق اعلان بيروت/2017م، وفي حال تعثر ذلك فعلى أقل تقدير ينبغي ربط قرار المشاركة بتعهد خطي من الرئيس عباس وحركة فتح بإنهاء الإجراءات المفروضة على قطاع غزة وبلا رجعة، وأذكر رفاقي في حزب الشعب الفلسطيني أنهم قاطعوا إحدى جلسات المجلس الوطني في ظروف قد يراها البعض أقل من الظروف التي يحياها شعبنا.