لم يعوِّل حقوقيون فلسطينيون كثيرًا على الإعلان عن فتح تحقيق إسرائيلي لمعرفة ظروف استشهاد الطفل محمد أيوب (15 عامًا) برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، شرق قطاع غزة، أول من أمس، حسبما أورد مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات.
وكتبت غرينبلات تغريدة على موقع "تويتر"، أمس، قال فيها: "(إسرائيل) تجري تحقيقًا شاملاً في مقتل محمد أيوب من أجل معرفة ما جرى".
من جهته، طالب المنسق الخاص للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، بالتحقيق في ظروف استشهاد الطفل أيوب، بنيران جيش الاحتلال خلال قمعه للمشاركين في مسيرة العودة شرق جباليا شمالي القطاع.
غير أن مدير عام الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال -فرع فلسطين- خالد قزمار، قال: إن "ما سمعناه عن فتح تحقيق إسرائيلي من خلال السفير الأمريكي لدى الاحتلال، هو فقط للاستهلاك الإعلامي، ولحرف للأنظار عن الجريمة".
وأضاف قزمار خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين": "من خلال تجربتنا مع الاحتلال، ومتابعتنا لقضايا شبيهة، فإننا لا نثق بالاحتلال ولجان التحقيق في الجرائم التي يشكلها والنتائج التي تصدر عنها".
ونبَّه على أن جيش الاحتلال يسعى من وراء عملية التحقيق إلى إخفاء حقائق الجريمة التي ارتكبها جنوده، مؤكدًا أن "ما يتعرض له المدنيون وتحديدًا الأطفال في غزة؛ جريمة منظمة يرتكبها جيش الاحتلال".
ولفت الأنظار إلى أن جدوى التحقيق الإسرائيلي لن تكون بتاتًا في مصلحة الفلسطينيين، وما لمسناه في قضايا سابقة، أن الاحتلال يسعى لإخفاق الحقيقة أمام أي تحقيق مستقبلي محايد.
وأشار قزمار إلى أن باحثي الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، الميدانيين، يوثقون جرائم الاحتلال، ولديهم مئات الملفات التي وثقت عن قتل أطفال بدم بارد دون أن يشكلوا أي خطر على جنود الاحتلال.
وقال: إن الوثائق لدينا الآن، وبإمكان الجهات المعنية استغلالها على الصعيد الدولي أو المحلي. وما زلنا بانتظار نظام قضائي جديد يفتح هذه الملفات ويتحمل مسؤوليتها في محاكمة جنود الاحتلال الإسرائيلي.
مجرمو الحرب
وبين أن أكثر من تقرير قدم لمحكمة الجنايات الدولية وأيضًا للأمم المتحدة، لكن التحقيق فيها بانتظار فتح نظام قضائي يبدأ بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وأشار إلى أن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، تستغل التوثيقات الميدانية والتقارير ومخرجاتها إعلاميًا وفضح الاحتلال دوليًا، بأن (إسرائيل) تقوم بانتهاكات جسيمة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بقتلها الأطفال والمدنيين.
وبين قزمار أن الحركة العالمية تستغل التقارير التي لديها في حشد المناصرة الدولية والضغط على صناع القرار دوليًا، للاتجاه نحو وقف سياسة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها الاحتلال و قادته.
من جهته، شكك مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، في تشكيل أي لجان إسرائيلية للتحقيق في قتل جنود الاحتلال للطفل أيوب.
وأكد دويك في تصريح لصحيفة "فلسطين"، أن جيش الاحتلال يلجأ إلى تشكيل لجان التحقيق في القضايا ذات الرأي العام الدولي، كما جرى مع الطفل محمد الدرة، في محاولة شكلية لامتصاص الغضب الدولي.
وشدد على أن لجان التحقيق الإسرائيلي التي "لا تتمتع بالاستقلالية والحياد، وتحقق من خلال القاتل مع نفسه، ولا توفر العدالة أو الحد الأدنى من النزاهة، لذلك فهي مرفوضة".
وأضاف أن "(إسرائيل) ترفض باستمرار أي لجان مستقلة ومحايدة سواء دولية أم أممية".
وتابع أن جيش الاحتلال يحقق مع نفسه ويصدر أحكام التبرئة من خلال لجان التحقيق التي لا نثق فيها.
وعدَّ أن النضال السلمي الذي لا يستخدم فيه الفلسطينيون أي شيء ممكن أن يشكل خطرًا على جنود الاحتلال، أحرج دولة الاحتلال ووضعها في معادلة صعبة؛ لأنها لن تستطيع أن تبرر ما تقوم به من جرائم.
واستخدم جنود الاحتلال المحصنون والمدججون بالأسلحة الفتاكة، خلف السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948، القوة المفرطة في قمع المتظاهرين السلميين الذين يتجمعون على بعد عشرات الأمتار من السياج ضمن فعاليات مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت في 30 مارس/ آذار الماضي.
وفي السياق، جدد مركز حماية لحقوق الإنسان، إدانته لاستخدام جيش الاحتلال القوة المفرطة ضد المدنيين العزل والطواقم الطبية والصحفية.
وطالب المركز، في بيان، أمس، بضمان احترام سلطات الاحتلال للتجمع السلمي، ووجوب العمل على حماية المتظاهرين سلميًا، والتحقيق الفوري في جرائم الاحتلال بحق مسيرة العودة.
كما طالب السلطة الفلسطينية بضرورة إحالة ملف الانتهاكات بحق المدنيين المتظاهرين في مسيرة العودة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ودعا المنظمات الدولية عامة ومنظمات الطفل خاصة إلى التدخل الفوري لوقف انتهاكات قوات الاحتلال بحق الأطفال في أثناء تظاهرهم السلمي الذى يأتي وفقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.