فلسطين أون لاين

"أيقونة الثورة" عهد التميمي تنتصر في أقبية التحقيق

...
رام الله-غزة/ رنا الشرافي:

ثائرةٌ منذ الصغر، ترنو إلى الحرية والعيش في أرض لا ترى عليها بقايا الاستيطان، هي فتاة يافعة رفضت أن يقف جندي في جيش الاحتلال أمام منزلها يتصيّد الشبان الفلسطينيين، فطردته وعندما حاول الصد والتوعد وجهت إليه صفعة أربكت صورة الاحتلال الإسرائيلي وقزمته أمام ثائرة حرة.


إنها عهد التميمي (17 عامًا) من قرية النبي صالح قضاء رام الله، التي اعتقلها جنود الاحتلال الإسرائيلي في كانون الأول (ديسمبر) 2017م عقب انتشار صفعتها لأحد جنود الاحتلال على مواقع التواصل الاجتماعي، التي مجدت تلك الطفلة ولقبتها بـ"أيقونة الثورة" الفلسطينية.


"حق الصمت"

تواجه عهد في هذه المدة بالتزامن مع فعاليات يوم الأسير الفلسطيني الذي وافق 17 نيسان (أبريل) تحقيقات استطاعت أن تنتصر فيها على سجانيها بالتزامها بـ"حق الصمت"، حسبما يقول والدها باسم التميمي لصحيفة "فلسطين".


يتابع: "عهد انتصرت أمام السجن والسجان وعلى المحققين الذين حاولوا ترهيبها، لأنها تربت على الحصانة الداخلية المتمثلة في قوة الإرادة وقوة الشخصية والثقة بأننا أصحاب قضية عادلة، وصاحب القضية لا ينفك عن العطاء".


وعن معاناتها في أقبية التحقيق يقول: "إن المعاناة سببها هو وجود الاحتلال نفسه، وسوف تستمر ما استمر الاحتلال في وجوده، علينا أن نسلح أبناءنا بقوة الإرادة والشخصية حتى لا يهابوا الاحتلال وتكون حمايتهم ذاتية، كما عهد التي استطاعت أن تتجاوز التحقيق بكل صعوباته".


يشدد والد عهد على ضرورة أن يربي الفلسطيني أطفاله على الجلد، ومواجهة الصعاب والمشكلات التي تواجههم، خاصة إذا ما ارتبط الأمر بالاحتلال، لتكون عهد قدوة كما كانت بالفعل والممارسة، وقال: "يجب أن نربيهم على العزة والكرامة والمواجهة والتحدي، وألا نألو في سبيل ذلك".


ويعد ما حققته ابنته في غرف التحقيق صفعة جديدة للاحتلال الإسرائيلي الذي قضت الصفعة الأولى مضاجعه، ويحاول الانتقام من هذه الفتاة، مخالفًا بذلك القوانين والأعراف الدولية.


وتوجه النيابة العامة في كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى عهد 12 "تهمة"، من بينها الاعتداء على قوات الاحتلال الإسرائيلي و"التحريض"، فضلًا عن تهديدات وزير التعليم في حكومة الاحتلال نفتالي بينيت لها بأنها "يجب أن تقضي حياتها داخل السجن".


ويرى الوالد أن ابنته مثلت هذا الجيل الذي تجاوز الخوف واستل من الوعي المعافى قدرته على المواجهة والتحدي، فكانت الصفعة برأيه رسالة هذا الجيل الذي يرفض الاحتلال بكل مكوناته وأشكاله ويسعى إلى نيل الحرية.


ويؤكد أن ابنته _بحسب آخر زيارة للمحامي_ كانت صلبة قوية ومتماسكة ومؤمنة بقضيتها، وتستثمر الوقت إيجابيًّا في الدراسة والمطالعة وممارسة الرياضة وتطوير الذات، قائلًا: "هي صاحبة رسالة، وصاحب الرسالة مستعد إلى العطاء دائمًا".


ولا تزال عهد تنتظر الحكم عليها من محاكم الاحتلال غير الشرعية على تلك "التهم" جميعًا التي ترفض عهد التحدث عنها أو التعامل معها مطلقًا، ناقلة ثورتها في وجه المحتل من قريتها إلى فناء مراكز التحقيق، لتبقي جذوة الثورة مشتعلة رغم كل محاولات الاحتلال لإخمادها.


والدة عهد كذلك لا تزال أسيرة حتى إشعار آخر، فمنزل باسم التميمي لم يعد كما كان في السابق، إذ غيّب الاحتلال الزوجة (الأم)، كما غيب الابنة الثائرة ذات الوجه الغاضب الذي اشتهر بثورته في وجه المحتل منذ صغرها.


يقول الأب: "الاحتلال غيّب الأم والابنة، ومع ذلك نحن مستمرون في المواجهة لأننا أحرار ولسنا ضحايا، وعلى العالم أن يلتزم بمسؤولياته تجاه هذه الدولة المارقة (الاحتلال الإسرائيلي) التي لا تلتزم بالقوانين الدولية التي تحفظ حقوق الإنسان أينما وجد، ولا كل القيم أو الأعراف الدولية".


لم تكن الرسالة الأولى التي يوجهها التميمي إلى ابنته عهد، فهو أرسل إليها رسالة أخرى في ذكرى مولدها في 30 آذار (مارس)، أما اليوم فعبر صحيفة "فلسطين" يبرق باسم التميمي إلى ابنته عهد بتحية الصباح، موصيًا إياها بالجلد.


ويقول: "صباح الخير يا عهد، في يوم الأسير أنت ورفاق دربك مقاتلون من أجل الحرية، وأنتم رمز لهذا الوطن ولهذه القضية، ونحن فخورون بك وبكل هذا الجيل المقاوم، ننتظرك ووالدتك لتخرجا معًا إلى الحرية حتى نواصل العطاء من أجل فلسطين الوطن والقضية".


ويختم حديثه: "أقول للعالم أجمع: كفى صمتًا عما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي، لأن الصمت هو انحياز إلى المجرم، وأقول لأمتنا العربية والإسلامية ولكل النخب في هذا الوطن: إنه آن الأوان للوحدة، والتأسيس على ثقافة المقاومة ولغة الاشتباك التي أسست لها صفعة عهد، لتكون نقطة التحول باتجاه إنتاج مشروع تحرري يربط هذه الأجيال بمستقبل لا وجود فيه للاحتلال، ولا الاستعمار، أو الإمبريالية الدولية التي تقودها أمريكا لتدمير الوطن العربي".