يستهدف جنود الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين والمصورين دومًا، ويصوب بنادقه وقذائفه مباشرة إلى الصحفيين، ولا يتوانى الجنود الصهاينة عن قتل الصحفيين، وذلك لأن الصحفي مصدر إزعاج وقلق للعدو، وهو بسلاحه الكاميرا وقلمه يفضح جرائم الكيان بحق شعبنا الفلسطيني.
ومنذ احتلال الكيان العبري أرضنا يستهدف الصحفيين والإعلاميين استهدافًا مباشرًا، وذلك من أجل طمس الحقيقة وإخفاء جرائم الاحتلال عن عيون العالم، وتزوير وتشويه الحقائق.
وقد قدم الصحفيون الفلسطينيين أرواحهم من أجل إبراز الحقيقة وفضح جرائم الاحتلال، وقائمة الشهداء الصحفيين تطول، فودعت فلسطين هذا الأسبوع الشهيد الصحفي ياسر مرتجى الذي كان ينقل الصورة والحقيقة من قلب الميدان، واستهدفه جنود الاحتلال وهم يعلمون أنه صحفي ويرتدي سترة الصحافة، لكنه استهدف مباشرة، وأصيب في ذلك اليوم عدد من الزملاء الصحفيين، وهم ينقلون جرائم الاحتلال بحق المتظاهرين في مسيرات العودة.
إن الشهيد الصحفي ياسر وأمثاله من الإعلاميين هم في بؤرة الاستهداف الصهيوني، لأنهم يقاومون الاحتلال بالصورة والكلمة، وإن استهدافهم جاء لمنعهم من نقل الصور إلى العالم الخارجي، لإظهار جرائم الاحتلال وأخلاقيات الجيش الصهيوني في القتل والإبادة.
لقد ترجل فارس الحقيقة الزميل ياسر مرتجى وهو يواصل نقل صورة الصمود والتحدي لأبناء شعبنا الفلسطيني في مواجهة جنود الاحتلال، وهو ينقل حلم العودة إلى أرضنا الطيبة، وهو ينقل صورة الأطفال والشباب والكبار والنساء وهم يدافعون عن أرضهم وديارهم، يحملون مفتاح العودة وأحلام تحرير أرضنا من دنس المحتلين الغزاة.
إن الزميل ياسر نقل بكاميرته آلام ومعاناة أبناء شعبنا الفلسطيني، نقل حكايات الحصار الظالم لغزة، ونقل المأساة التي يحياها قطاعنا الصامد، لقد تجول بكاميرته بين أزقة الحارات والشوارع والطرقات ينقل الهم والوجع الفلسطينيين، وينقل أيضًا الإبداع والتحدي لهذا الحصار الظالم، وطالما حلم الشهيد ياسر أن يحيا أبناء شعبنا مثل شعوب العالم في حرية وأمان، حتى إنه حلم أن يلتقط صورًا لغزة وهو مسافر في الجو، لكن الحصار والإغلاق حالا دون تحقيق أحلامه.
لقد ظن جنود الاحتلال أنه بقتل الصحفي ياسر مرتجى يقتلون الحقيقة، هم واهمون؛ فلن يستطيعوا إخراس الصحافة، ولن يستطيعوا وقف الكلمة وفضح جرائمهم بحق شعبنا الفلسطيني، وإن الصحفيين سيواصلون رسالتهم الخالدة وسيواصلون درب الشهيد ياسر في نقل الحقيقة.
إن استشهاد الزميل ياسر مرتجى يذكرنا بواقعة استشهاد الزميل المصور فضل شناعة في السادس عشر من نيسان (أبريل) عام 2008م، وهو يصور جرائم الاحتلال خلال الاجتياح الإسرائيلي لمنطقة جحر الديك وسط قطاع غزة؛ فقد كان الزميل فضل (رحمه الله) ينقل الصورة من خطوط المواجهة الأولى، واستهدفته قذيفة الاحتلال بصورة مباشرة مع أن إشارات الصحافة ظاهرة على المعدات والسيارات الخاصة بالصحفيين.
وأتوجه بالتحية الكبيرة إلى الطواقم الإعلامية كافة، هؤلاء الجنود المجهولون الذين ينقلون الحقيقة، وينقلون الصورة من قلب الميدان، نتوجه إليهم بالشكر والعرفان على جهودهم الكبيرة ودورهم النضالي في مواجهة الاحتلال، إذ قدموا أرواحهم من أجل نقل صور جهاد ومقاومة شعبنا الفلسطيني، ولن يستطع جنود الاحتلال طمس الحقيقة والوقوف في وجه الكلمة والصورة اللتين تفضحان جرائمهم وجرائم كيانهم المسخ.
رسالتي أوجهها إلى المؤسسات الحقوقية والإعلامية الدولية بضرورة التحرك العاجل من أجل تأمين الحماية للصحفيين الفلسطينيين، ووقف جرائم الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين، ولابد لاتحاد الصحفيين الدولي ومنظمة "مراسلون بلا حدود" أن يخرجا عن صمتهما ويعلنا مقاطعة الاحتلال ومقاطعة الصحفيين الإسرائيليين، رفضًا واستنكارًا لجرائم جنود الاحتلال بحق الصحفي الفلسطيني، ويجب أن يكون موقف جريء وشجاع من المؤسسات الإعلامية الدولية نحو ما يحدث من جرائم بحق الصحفيين الفلسطينيين، ويجب محاسبة الصهاينة على جرائمهم بحق الصحفيين، ويجب أن تبقى قضية الشهيد ياسر وزملائه حية في المحافل الدولية من أجل وقف استهداف الصحفيين، وهم ينقلون الحقيقة وينقلون معاناة وآلام الشعوب.