رسائل كثيرة ومتعددة حملتها المناورة التي نفذتها كتائب القسام في الأيام الأخيرة، لأول مرة في تاريخها العسكري الحافل بالإنجازات وصفحات العز والفخار التي يتشرف بها كل فلسطيني.
لقد كانت الرسالة الأولى للعدو الصهيوني، حيث تم تنفيذ المناورة بالتزامن مع مناورة إسرائيلية تم تنفيذها في اليوم نفسه، وحملت المناورة رسالة مفادها المناورة بالمناورة، والردع بالردع، والسلاح بالسلاح، والاستعداد بالاستعداد والبادئ أظلم، وأن كتائب القسام على جهوزية تامة لمواجهة أي عدوان ضد قطاع غزة، وتحذر إسرائيل من أي حماقة قد تفكر في ارتكابها ضد قطاع غزة.
أما الرسالة الثانية فكانت لكل المتواطئين في صفقة القرن، والذين يعملون بكل جهدهم لتصفية القضية الفلسطينية، من خلال مشاريع التوطين للاجئين ونسيان حق العودة، وتطبيع العلاقات بين الدول العربية و(إسرائيل) بشكل رسمي وعلني، ومحو أي أثر للعداوة مع الكيان الغاصب في عقول وقلوب الشعوب العربية.
وكتائب القسام من خلال مناورتها وإظهار بعض قدراتها العسكرية وجهت رسالة لهم، بأن المقاومة ومن خلفها أهالي قطاع غزة سيقفون شوكة في حلق كل من يتآمر على الشعب الفلسطيني ويسعى إلى تصفية قضيتهم، وأن حق العودة لن ينسى مهما طال الزمان وتعاقبت الأجيال، وما مسيرة العودة الكبرى إلا برهان على تمسك الشعب الفلسطيني بحقه الأبدي الذي لن يتخلى عنه، مهما تخلى عنه بعض المستسلمين والخانعين من قيادات الشعب الفلسطيني.
وهناك رسالة ثالثة حملها خطاب أبو عبيدة في كلمته الختامية لمناورة التحدي والصمود، وهي أخطر الرسائل وأهمها، وذلك حين ذكر أبو عبيدة استعداد المقاومة للوقوف بجانب أي جهة يعتدى عليها من قبل الكيان الغاصب، وهذه الكلمة خطيرة في دلالاتها ومعانيها، وتجعل الإنسان يطرح العديد من الأسئلة الهامة بالنسبة للمعارك القادمة مع الكيان الصهيوني، هل انتهى زمن المعارك الأحادية مع الكيان الغاصب؟ هل إذا تعرض لبنان لاعتداء من قبل الكيان الصهيوني ستشارك المقاومة الفلسطينية في الحرب على (إسرائيل)؟ هل سيشارك حزب الله في الحرب على (إسرائيل) إذا تعرض قطاع غزة لعدوان صهيوني؟ كل هذه الأسئلة أصبحت مشروعة عقب كلمة أبو عبيدة، وما تحمله من معانٍ ودلالات على وجود تنسيق كبير بين أجنحة القوى المعادية لإسرائيل.
نحن اليوم في مرحلة فاصلة من تاريخ الصراع مع الكيان الغاصب، فالمحيط الإقليمي والدولي يهيئ كل الأجواء لتصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من مضمونها بإنهاء حق العودة، والذي نراه اليوم من تشديد الحصار على قطاع غزة يدل على الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الأطراف الإقليمية والدولية لتمرير صفقة القرن، وتحويل الكيان الصهيوني إلى كيان طبيعي يعيش في محيط من الأصدقاء بدلاً من محيط يعج بالأعداء.