فلسطين أون لاين

​متفوقون يتحدّثون عن تجاربهم

الدراسة ليست المكوّن الوحيد في "وصفة النجاح" بالجامعة

...
غزة - صفاء عاشور

الجامعة ليست كالمدرسة، إنما الحصول على درجات عالية والترتيبات الأولى فيها ليس أمرًا هيّنًا، وربما إن حدث ذلك في فصل دراسي لا يتكرر في الفصل الذي يليه، لذا كثيرًا ما يتساءل الطلبة الجامعيون عن أسباب تفوق بعض زملائهم، متصورين أن هذا المتفوق لا يفارق الكتاب، ويعيش سنوات الدراسة حبيس جدران بناها حول نفسه من الكتب والدفاتر، ومنعزلا عن محيطه الاجتماعي، ربما تكون هذه النظرة صحيحة في بعض الأحيان، لكنها ليست كذلك دوما، فمن المتفوقين من يوازن بين مكونات الحياة.

"فلسطين" سألت عددًا من المتفوقين والأوائل في الجامعة عن "وصفة النجاح" الخاصة بكل منهم.

الفهم والتطبيق

فاطمة اللوح (24 عاما) عرفت منذ البداية كيف تسير في طريق النجاح من خلال اختيار تخصص يلبي طموحها ويحقق لها التميز دون أن تبذل الكثير من الجهد.

ففاطمة التحقت بتخصص "وسائط متعددة ورسوم متحركة"، وهو التخصص الذي يعتمد بدرجة كبيرة على الفهم والتطبيق أكثر من حفظ المعلومات لرصها على ورقة الامتحانات، من وجهة نظرها.

وقالت في حديث لـ"فلسطين": إن "الإنسان عندما يضع نصب عينيه هدفًا ويهيئ نفسه لتحقيقه يصبح كل شيء سهلًا بعد ذلك"، مضيفة أنها أثناء الدراسة الجامعية كانت تركّز على حضور المحاضرات والاهتمام بشرح الأساتذة، مع المراجعة والتطبيق العملي للمحاضرة بشكل يومي.

وتابعت: "بعد العودة إلى البيت كنت أقوم بتطبيق جميع ما تعلمه في المحاضرة، كما كنت أستزيد بمتابعة نماذج أخرى عبر الإنترنت، وأعيد تطبيقها، وهذا ساعدني كثيرًا على مزيد من الفهم للمادة التي أدرسها".

التفوق لم يكن عائقا أمام سير الحياة الاجتماعية لفاطمة بشكل طبيعية، فأثناء المرحلة الجامعية لم تكن تهمل أي من المناسبات العائلية.

ومن أمثلة التوازن الذي أوجدته بين دراستها وحياتها، أنها في يوم حفل إشهار شقيقتها، كانت مُطالبة بإنجاز تطبيق للعبة وعليها أن تسلمه لأستاذ المادة في اليوم التالي للحفل، فما كان منها إلا أن شاركت العائلة الفرحة بكل تفاصيلها، وأوجدت الوقت اللازم لأداء المهمة الجامعية وسلمتها في الوقت المحدد.

وأشارت إلى أن هذا التفوق، كان سببًا في حصولها على فرصة للعمل فور تخرجها.

جدولة الدراسة

من جانبها، رأت دعاء سعيد أن الطالب يجب أن يولي الدراسة الجامعية اهتمامًا كبيرًا، وأن يفهم طبيعة التخصص الذي يدرسه، لافتةً إلى أنها درست الصحافة والإعلام وكانت حريصة على الدراسة لتحصل على معدلات مرتفعة من بداية بدء حياتها الجامعية.

وقالت لـ"فلسطين": إن "تخصص الصحافة والإعلام من التخصصات التي تعتمد بشكل كبير على الحفظ، باستثناء بعض المواد العملية".

وأضافت: "لم يكن صعبًا عليّ حفظ المواد الجامعية، خاصة أني كنت أصمم جدولًا للدراسة قبل موعد الاختبارات بأسبوعين، حتى إذا ما حان موعد الامتحان، أكون قد أنهيت دراسة المادة لما لا يقل عن مرتين، وعلى الأكثر أربع مرات".

وأشارت إلى أنها اتبعت هذا الأسلوب على مدار السنوات الأربع لدارستها الجامعية وتمكنت في النهاية من أن تكون الثالثة على دفعتها، منوهةً إلى أنها تمنت لو أنها بذلت مزيدًا من الجهد فربما كانت ستحصل على المرتبة الأولى أو الثانية على الدفعة.

الدعاء والعمل

أما وليد قديح فأوضح أن العامل الديني كان الحافز الأكبر له لأن يكون من المتفوقين سواء في دراسته في المدرسة أو الجامعة، مبينًا أن ارتباطه بالله منذ صغره ومداومته على حفظ القرآن كانا يشجعانه على أن يكون من المتفوقين.

وقال لـ"فلسطين": "أدرس حاليًا في كلية العلوم، ولم أتخصص بعد ولكني من الأوائل ضمن دفعتي، وأرى أن الارتباط بالله يمكن أن يكون حافزًا قوي لأن تكون من المتفوقين والناجحين في الدراسة".

وأضاف: "القرب من الله لا يعني إهمال الدراسة، بل على العكس أخصص لها الكثير من الوقت وأحرص على حضور المحاضرات، إلى جانب الصلاة والدعاء، فلا أجعل أي من الأمرين يأخذ من نصيب الآخر ووقته".

وأشار وائل إلى أنه يرى انعكاس علاقته مع الله في كل شيء في حياته ومن ذلك الدراسة، حيث إيمانه أن أي توفيق يمكن أن يحصل له في حياته فهو بسبب رضا الله ثم والديه عنه.

الحفظ دائمًا

ندى بركات لا تجد حرجًا من البوح بأن الاستراتيجية التي تتبعها في الدراسة والتي تفوقت بسببها في الثانوية العامة هي الحفظ، وملازمة الكتاب لساعات طويلة، وهذا الأسلوب جعلها تحصل على معدل 93% في الثانوية العامة، وها هي تواصل تفوقها في الجامعة.

وأوضحت في حديث لـ"فلسطين" أنها اعتمدت في دراستها الجامعية في تخصص التجارة باللغة الإنجليزية على نفس الاستراتيجية التي اتبعتها في الثانوية العامة وهي حفظ المواد، مع التركيز على فهم بعض الأشياء التي لا يمكن حفظها كالقوانين والمسائل الحسابية.

وقالت: إن "الدراسة الجامعية تختلف عن الثانوية العامة من حيث عدد المواد المسجلة كل فصل وطبيعتها، ومع ذلك فإن تطبيق نفس الاستراتيجية حقق لي الحصول على الامتياز في أول سنة جامعية".

وأضافت: "سأحاول خلال السنوات القادمة أن أقلل عدد المواد التي أدرسها في الفصل الواحد، لكي أتمكن من التركيز أكثر في الدراسة، حتى يزيد معدلي التراكمي، وبذلك أكون من أوائل الدفعة عن التخرج".

ادرس ما تحب

من جانبه، أوضح سمير عليان أن الدراسة في الجامعة يجب أن ترتبط بما يحبه الشخص، فإذا التحق بتخصص مجبرًا أو على غير هواه فهو بالتأكيد لن ينجح أو يتفوق فيه مقارنة بدراسته لما يحب.

وقال لـ"فلسطين": "دراسة الطالب الجامعي للتخصص الذي يحبه هو بداية النجاح والتفوق فيما بعد".

وأضاف أنه رغم تدني معدّله في الثانوية العامة في الجانب العلمي، إلا أنه اختار دراسة الكيمياء في الجامعة.

وتابع: "فعلت ذلك لأن تدني المجموع في الثانوية لا يعني عدم قدرتي على التفوق في التخصص الذي أرغب بدراسته، خاصة أنني اخترت التخصص الذي أحبه وأريده، وها أنا أرى نتائج ذلك من خلال الدرجات المرتفعة التي أحصل عليها".

وأوضح عليان: "التفوق في أي تخصص لا يعني الارتباط بالعلامات أو بالترتيب الجامعي، بل بمدى الإبداع والرغبة في الاستفادة والتعلم في هذا المجال، وهذا ما أسعى إلى تحقيقه من خلال دراستي للكيمياء".