يطيب للإعلام العبري أن يصف الحرب الدائرة في مدن ومخيمات قطاع غزة بأنها حرب ضد حركة حماس، وأن المفاوضات التي تجري في قطر ومصر تجري بين الإسرائيليين من جهة، وبين حركة حماس من جهة أخرى، وبهذا يحاول العدو الفلسطيني تقليص دور التنظيمات الفلسطينية الأخرى، ليصب حقده على حركة حماس، بهدف تبرئة جيشه من جرائم الحرب التي يصبها على رأس الشعب الفلسطيني، ومحاولة من العدو لشق الصف الفلسطيني، ووسائل إعلامه توحي للسامع العربي بأن الشعب الفلسطيني في منأى عن الحرب، وأن سيف العدو لا يجز إلا رقاب حركة حماس.
وبكل أسف، فإن الكثير من الإعلاميين العرب، والكثير من الفضائيات العربية المحترمة، تتجاهل مقاومة الشعب الفلسطيني، وتتجاهل التنظيمات الفلسطينية المقاتلة في الميدان، وتنسب المقاومة لحركة حماس، وتحشر المفاوضات بين الصهاينة وحركة حماس، في عملية خداع كبيرة، تجافي الواقع، وتعاند الحقائق التي تقول: إن الذي يقاوم عدوان الصهاينة هو الشعب الفلسطيني كله؛ بتنظيماته وقياداته وجماهيره، وأن حماس ـ رغم مركزية دورها ـ جزء من مقاومة الشعب الفلسطيني، وأن الحرب تدور على أرض غزة بقيادة غرفة العمليات المشتركة، والتي تضم أكثر من عشر تنظيمات فلسطينية، لكل تنظيم مكانته وشعبيته وسلاحه وطريقة مقاومته للعدو.
الانتباه إلى المصطلحات السياسية مهم، والتأكيد على أن الحرب تدور بين الشعب الفلسطيني كله وبين العدو الإسرائيلي، حقيقة تعزز الانتماء لفلسطين، وتسحب من تحت أقدام العدو الحجج التي يروج من خلالها أكاذيبه عن عدم استهداف المدنيين، ولاسيما أن رجال الضفة الغربية قد صاروا جزءاً من الحرب التي تدور على أرض غزة، وما إغلاق المدن في الضفة الغربية، ومنع العمال من دخول فلسطين المحتلة، إلا تأكيد على أن الحرب مع كل الشعب الفلسطيني، وما اقتحام المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، ووصول عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى عشرة آلاف معتقل تقريباً، كل ذلك يؤكد أن الحرب التي تدور على أرض غزة لا تقتصر على حركة حماس، ولا تقف عند حدود قطاع غزة.
وبعد أن قدم حزب الله في لبنان مئات الشهداء، وبعد أن تم نزوح مئات آلاف الصهاينة من شمال فلسطين، وبعد أن أغلق أبطال اليمن العربي البحار، ومنعوا التجارة مع دولة العدو، وفي ذلك تأكيد على أن الحرب أوسع من أرض غزة، وأكبر من تنظيم فلسطيني بعينه، إنها الحرب المصيرية، حرب الوجود للأمة العربية كلها، حتى وأن كانت حركة حماس هي رأس حربة المقاومة، وعمودها الفقري، فحركة حماس جزء من المقاومة، وجزء من الشعب العربي الفلسطيني.