تطالعنا الأخبار القادمة من الضفة الفلسطينية والقدس كل يوم بأن المغتصبين الصهاينة يعيثون فيها فسادًا، فيقتلون البشر، ويقتحمون البيوت والمساجد والمؤسسات، ويقتلعون الشجر، ويدمرون الحجر، ويسرقون الأثر، وإزاء ذلك، يتبادر إلى ذهن كل مواطن غيور على بلاده وأهلها، سؤال: لماذا يفعل المستوطنون ما يفعلونه؟
الجواب في نظرية (من أمن العقاب، أساء الأدب)، فهي صادقة تمامًا ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، فالإنسان الذي يعرف أنه سيُعاقب على فعلته، لن يقدم عليها.
هذا هو حال المغتصبين الصهاينة الذي يمارسون حقدهم بكل جرأة في المدن الفلسطينية؛ لأنهم يعلمون أن عين جيش الاحتلال الصهيوني مفتوحة لتحميهم وترعاهم، وأن عيون أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مفتوحة أيضًا، لكن ليس لتأدبهم، بل لتحميهم وتحافظ على أرواحهم، وردهم إلى أهليهم إن ضلوا الطريق، أو أصابهم وابلٌ من غضب الجماهير الوطنية الغيورة على بلادها.
في إطلالةٍ سريعةٍ على برنامجِ عمل المستوطنين خلال عام 2017 سنجده دسمًا ومليئًا بما يشفي صدروهم، ويشقي صدرونا، وحقدهم طال كل مدن الضفة والقدس ولم تسلم منه حتى الأماكن المقدسة إسلاميًا ومسيحيًا.
قد يظن البعض أن أفعال المستوطنين هي أفعالٌ شخصيةٌ فردية أو مجموعات عادية بسيطة ليس لها سند قانوني أو ديني أو سياسي، لكن هذه وجهة نظر خاطئة، فالكثير من المستوطنين هم أعضاء في مجموعات إرهابية ويمارسون من خلالها التخريب والتقتيل، فعصابة (تدفيع الثمن) هي إحدى العصابات الإجرامية التي تأتي امتدادًا لعصابات صهيونية تشكلت منذ احتلال فلسطين لتكمل دورها ومشوراها وفق رؤيتهم التوارتية بوجوب طرد أهل فلسطين لأنها ليست لهم، حتى يتسنى لهم إقامة دولة يهودية خالية من أي وجود عربي مسلم أو مسيحي.
وعن كيفية تعامل القضاء الصهيوني مع جرائم المستوطنين، فلقد دلت الإحصائيات على أن 93% من جرائم المغتصبين ضد الشعب الفلسطيني تغلق دون حتى فتح ملفات جنائية وتحقيقات معمقة، وتسجل الاعتداءات ضد مجهول.
وعن أعداد المغتصبين فإن تقارير كثيرة تؤكد أن عددهمفي الضفة ارتفع من 111 ألف أكثر من 750 ألفبعد توقيع اتفاقية أوسلو، كما أن المغتصبات الصهيونية في ازدياد مستمر وتسرق الأرض الفلسطينية وتخلق فواصل بين القرى والمدن الفلسطينية من أجل بناء آلاف الوحدات السكينة لمغتصبين قادمين من شتى دول العالم بحجة أن فلسطين هي أرض وعدهم بها الرب.
وبالعودة إلى سؤال (من يوقف حقد المغتصبين الصهاينة؟) فإن القول الفصل في هذا الفصل هو أن المقاومة قادرة على ردع الاحتلال والمستوطنين، إن أتيح لها حرية العمل في الضفة الفلسطينية، ومن غير ذلك، فستبقى اعتداءات المغتصبين مستمرة وستزداد كمًا ونوعًا.