فلسطين أون لاين

​"المقاومة الشعبية".. فجوة بين الطرح السياسي وممارسة الشارع

...
المقاومة الشعبية
غزة - يحيى اليعقوبي

مرارا وتكرارا ينادي رئيس السلطة محمود عباس في المحافل الدولية بأن المقاومة الشعبية السلمية هي الخيار لدحر الاحتلال عن فلسطين المحتلة، وأنها سلاح قوي بيد الشعب دعا إلى تفعيله باجتماع المجلس المركزي الأخير، ليكون السؤال المطروح هنا: ما هي المقاومة الشعبية التي يقصدها عباس؟!

ويجمع ناشطان سياسيان على وجود اختلاف وفجوة كبيرة بين مفهوم المقاومة الشعبية التي يمارسها الشارع الفلسطيني ضد انتهاكات الاحتلال وبين المقاومة الشعبية السلمية المحضة التي ينادي بها رئيس السلطة دون أي مواجهة مع الاحتلال حتى ولو بحجر أو حرق إطار مركبة، أو أي وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس.

وتعني المقاومة الشعبية وفق الناشطين اللذين تحدثا لصحيفة "فلسطين" أن ينتفض الشعب في مقاومة الاحتلال، مثل ما مارسه الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، فيما يستطيع الاحتلال التعايش لسنوات طويلة مع المقاومة السلمية التي يريدها عباس.

ويقول الناشط السياسي عمر عساف، إن عباس صاحب مقولة "إننا لا نريد أن نضرب الإسرائيليين حتى بوردة، ويتبنى مصطلحا يختلف عما يتبناه الشارع الفلسطيني فيما يتعلق بالمقاومة الشعبية"، مبينا أن المقاومة الشعبية السلمية التي ينادي بها غير موجودة بأي مفهوم من مفاهيم المقاومة الشعبية لدى الفلسطينيين.

وأوضح عساف لصحيفة "فلسطين"، أن المقاومة الشعبية تعني أن ينتفض الشعب في مقاومة الاحتلال، وألا تقتصر المقاومة على نخبة معينة من أبناء الشعب.

وبين أن الشارع الفلسطيني يتحدث عن مقاومة شعبية واسعة تصل إلى مفهوم الانتفاضة، وهذه الانتفاضة يشارك فيها كل أبناء الشعب الفلسطيني كل حسب طاقته وإمكاناته في مجابهة الاحتلال، وتتيح المجال لأوسع قدر من المشاركة الجماهيرية من الشباب والشيوخ والفتيان.

وتختلف المقاومة الشعبية عن الشعبية السلمية المحض التي ينادي بها رئيس السلطة دون أي مواجهة مع الاحتلال حتى ولو بحجر أو حرق إطار مركبة، أو أي وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس، والكلام لعساف.

ولفت إلى أن الإجراءات الأمنية التي مارستها أجهزة أمن السلطة طيلة السنوات السابقة حالت دون توسع رقعة المقاومة بكافة أشكالها ومنها المقاومة الشعبية، مشيرا إلى أن الاحتلال يمكنه التعايش لعشرات السنين في التعاطي مع المقاومة السلمية التي ينادي بها عباس، لأنها لا تسبب إزعاجا ولا خسائر ولا إحراجا دوليا له.

في حين أن المقاومة الشعبية التي مارسها الشعب الفلسطيني خلال انتفاضة الحجارة، جعلت الاحتلال يدفع ثمنا اقتصاديا وسياسيا ودوليا، وكشفت بشاعة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وأجبرته على الاستجابة للمطالب الفلسطينية، في حين أن الاقتصار على المقاومة السلمية لعباس لن يؤدي لنتيجة.

ويرى عساف، أن عباس لا يمتلك أي إستراتيجية أو رؤية واضحة للمقاومة الشعبية، ولم يضعها في حسبانه طوال حياته، وما تكرار ترديده ودعوته لممارستها خلال خطاباته إلا رسالة للطرف الأمريكي بأن لديه خيارات أخرى.

وقال الناشط الفلسطيني: "لا اعتقد أن ما يتحدث عنه عباس من مقاومة شعبية سلمية يمكن أن تشكل خيارات أخرى لمجابهة التحديات"، لافتا إلى أن الشارع في جهة وعباس والقيادة الرسمية في جهة أخرى وثمة فجوة كبيرة بينهما، والبديل الوحيد للواقع هو رحيل قيادة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية الحالية بما جلبته من نتائج سلبية طوال فترة المفاوضات.

أشكال مختلفة

الناشط في مقاومة الجدار والاستيطان بالضفة بديع دويك، يرى من ناحيته أن مصطلح المقاومة الشعبية يختلف حسب الأيديولوجيات، مبينا أن المقاومة الشعبية تحمل مجموعة من الأساليب التي يمارسها الشعب من أجل نيل حقوقه السياسية والإنسانية، مشيراً إلى أن الأولى متقدمة على الإنسانية في فلسطين نظرا لأن الشعب الفلسطيني يقبع تحت احتلال ويبحث عن حقوقه.

قال دويك لصحيفة "فلسطين"، إن من أشكال المقاومة الشعبية مقاطعة منتجات الاحتلال، وسحب الاستثمارات من الأراضي المحتلة، والمظاهرات التي تتم قرب حواجز الاحتلال، والالتحام مع جنود الاحتلال وإلقاء الحجارة.

وأكد أن مقاومة الشعب الفلسطيني هي من عمر الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وما قبل وجوده عليها في جزء من وجود هذا الشعب، لافتاً إلى أن المواجهات الشعبية سواء على السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 48، أو نقاط التماس والحواجز في الضفة الغربية المحتلة هي أشكال واقعية للمقاومة الشعبية التي تختلف عما يطرحه عباس.