فلسطين أون لاين

​(إسرائيل) تجسّ نبض الحلفاء والخصوم.. اقتربت المواجهة!

دخلت الأزمة السورية منعطفاً حاسماً بعد التطور الجديد والمتمثل في إسقاط نظام الأسد طائرة اف 16 إسرائيلية فوق الجولان المحتل، بعد استهداف كيان الاحتلال طائرة إيرانية مسيرة، وقيام جيش الاحتلال باستهداف 12 موقعاً عسكرياً مختلفاً (4 سورية و3 إيرانية) في كامل الجغرافية السورية.

تصاعد التوتر واندلاع المواجهة بين إيران وكيان الاحتلال، جاء بعد عودة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولم يكن اللقاء الذي جمع الرجلين في التاسع والعشرين من كانون الثاني/ يناير عابراً. فرغم تكرر زيارات نتنياهو إلى موسكو خلال السنتين الماضيتين، إلا أن الحديث بين الرجلين تركز بينهما على الملف السوري وتنامي مخاوف نتنياهو من تمدد النفوذ الإيراني في سوريا.

ناقش الطرفان على نحو غير متوقع احتمال وجود منشآت إيرانية للأسلحة في لبنان وما يعنيه ذلك من إمكانية تحويل القذائف إلى صواريخ دقيقة التوجيه قادرة على استهداف البنية التحتية والمراكز السكانية في كيان الاحتلال، حيث حاول نتنياهو التسويق لفكرة وجود مصنع إيراني للصواريخ في لبنان وتحت سيطرة حزب الله اللبناني.

اجتمع نتنياهو بالرئيس بوتين سبع مرات منذ دخول روسيا سوريا عام 2015. ومن بين القضايا الأولى التي ناقشاها وضع آلية لتجنّب المواجهة العسكرية بين قواتهما، وضمنا بالنتيجة لـ(إسرائيل) إمكانية التحرّك ضد الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا، حسب الضرورة (أي عندما يحاول هؤلاء نقل منظومات الأسلحة الاستراتيجية، أو تنفيذ عمليات على مسافة قريبة جداً من حدود الجولان، أو يشكلون تهديداً على (إسرائيل) بطريقة أو بأخرى).

كما سعى نتنياهو إلى الحصول على دعم روسيا لجهود أوسع نطاقاً للحد من النشاط الايراني في المنطقة. ولكن موسكو لم ترد علناً على مثل هذه الطلبات، والتزم نتنياهو الصمت أيضاً حول هذه المسألة، مكتفياً بالقول إن العلاقات الإسرائيلية الروسية "ممتازة" وأن هناك تقارباً بينهما حول القضايا الرئيسة.

سبق لنتنياهو أن آثار مسألة المنشآت الإيرانية في لبنان. ففي اجتماع عقده مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في 28 آب/أغسطس الماضي، تحدث ضد "التحصينات" الإيرانية في لبنان، ومن بينها الجهود المبذولة لبناء مصانع لإنتاج الصواريخ هناك، مشيراً إلى أن "هذا أمر لا يمكن أن تقبله (إسرائيل)، وهذا أمر لا يجدر بالأمم المتحدة أن تقبله." وصدرت تحذيراتٌ مماثلة من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت بشأن حزب الله، وذلك في خطاب ألقاه في 30 كانون الثاني/ يناير أشار فيه إلى أن حزب الله ينتهك قرارات مجلس الأمن الدولي من خلال الحفاظ على وجوده العسكري في المناطق المحظورة في لبنان وتحسين قدراته الصاروخية.

يدعي كيان الاحتلال أنه ردّ على معامل الأسلحة التي أنشأتها إيران في سوريا بإطلاقها صواريخ على أهداف بالقرب من بلدة مصياف غرب سوريا، وفقاً لبعض التقارير. ومع ذلك، فعلى الرغم من أن (إسرائيل) قد شنت العديد من الضربات في سوريا خلال السنوات الماضية، إلا أنها ستواجه تحديات مختلفة إذا ما قررت استهداف لبنان. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن حزب الله يمتلك أكثر من 100,000 صاروخ، وقد يكون ذلك السبب الذي دفعهم إلى تفادي إعطاء الأوامر بتنفيذ ضربات جوية على لبنان على مدى السنوات الثلاث الماضية، واكتفوا باستهداف قوافل الأسلحة التابعة لحزب الله على الأراضي السورية.

وفي آب/أغسطس، ذكر قائد سلاح الجو الإسرائيلي عند انتهاء فترة ولايته أمير إيشل أن (إسرائيل) استهدفت التنظيم بما يقرب من 100 ضربة خلال السنوات الخمس الماضية، وجميعها نُفّذت تقريباً في سوريا. ونظراً إلى نجاح (إسرائيل) الظاهر في إعاقة عمليات نقل الأسلحة التابعة لحزب الله من سوريا إلى لبنان، فمن المرجح أن تحاول إيران إنشاء مرافق إنتاج في لبنان نفسه، بحسب التحليلات الإسرائيلية.

عقب اجتماع نتنياهو مع بوتين، أشار وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى حساسية ضرب حزب الله داخل لبنان قائلاً لأعضاء حزبه "إسرائيل بيتنا" "إننا نسخّر كل الإمكانات السياسية وغيرها لمنع تصنيع الصواريخ... وآخر ما أريده هو أن تدخل (إسرائيل) في حرب لبنانية ثالثة. أعتقد أننا ما زلنا نملك ما يكفي من الوسائل تحت تصرفنا."

في الوقت نفسه، كتب الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي رونين مانليس مقالاً باللغة العربية نُشر في وسائل الإعلام اللبنانية في 28 كانون الثاني/ يناير، حذر فيه القرّاء من أنهم يمهّدون الطريق للحرب بالسماح لإيران بتحويل بلادهم إلى "لعبة"، ففي رأيه، لم تعد إيران تكتفي بنقل "أسلحة أو أموال أو استشارة" - بل "فتحت أساساً فرعاً جديداً" في لبنان.

حتى الآن، لم تقدّم روسيا أي دليل على تحرّكها بشكل فعال لتقييد حزب الله في لبنان، ولكن يبدو أن نتنياهو لا يزال حريصاً على إيصال رسالة إلى التنظيم وإيران عبر موسكو. كما أصدر تحذيراته علناً من خلال البيانات الصحفية في حال لم يمضِ بوتين في هذه الطريق، معتقداً على ما يبدو بأن هذه التصريحات ستكون كافية إذا قررت (إسرائيل) شن ضربات في لبنان.

تصريحات نتنياهو توضح بطريقة أو بأخرى أن التهديد الناشئ عن منشآت إنتاج الأسلحة المتطورة في لبنان يغيّر مقاييس اللعبة نظراً إلى قدرتها على تجهيز حزب الله بصواريخ دقيقة التوجيه، وهو تطور جديد في استراتيجية نتنياهو لمحاصرة النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان معاً بحسب الرؤية الإسرائيلية الجديدة.. وبالتالي فإن خطر التصعيد سيكون حقيقياً للغاية إذا فشلت محادثات نتنياهو مع بوتين فضلاً عن تحذيراته العلنية وغيرها من الأساليب المحتملة الأخرى في ردع إيران، فهل ستكون المنطقة على موعد مع مواجهة جديدة في ظل اكتظاظ السماء السورية بالطائرات من مختلف الجنسيات والبلدان؟