فلسطين أون لاين

رصاصات وسكاكين جيل "أوسلو" تقضّ مضاجع الاحتلال وأمنه

...
رام الله / غزة - أحمد المصري

يُمثّل الشبان المنتفضون داخل ساحة الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة أيقونة رائدة للمقاومة الفلسطينية في وجه جنود دولة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، وحالة متقدمة على المستويات المتعددة في رفضها لمنطق التعامل مع الاحتلال بكل انتهاكاته للأرض والإنسان والمقدسات دون رد فعل مقاوم بما يتاح في اليد.

"الشبان المنتفضون" جيل لم يأبه لبطش الاحتلال وأدواته على الأرض، وقد فرض نفسه، وأعاد بقوة القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح وبؤرة الاهتمام في وقت ظن فيه كثيرون أنه سيكون جيلًا ناسيًا لقضيته مع بزوغهم للحياة تحت ظلال اتفاق أوسلو.

وارتقى الشهيد أحمد نصر جرار (23 عاما)، في اشتباك مع قوات الاحتلال بقرية اليامون قضاء جنين، فيما لحقه الشابين خالد التايه (21 عاما) وحمزة زماعرة (19 عاما) في مواجهات بمدن الضفة الغربية أول أمس.

أنموذج وطني

ويقول النائب في المجلس التشريعي عن محافظة الخليل نايف الرجوب: إن الشبان المنتفضين الثائرين في وجه الاحتلال يمثلون أنموذجًا وطنيًا حيًا فريدًا رغم صغر عمرهم ونشأتهم بعد اتفاق أوسلو، ونقطة فخار للشعب الفلسطيني الذي لم تكبله يومًا حالة الخوف من الأعداء.

ويؤكد الرجوب لـ"فلسطين"، أن جميع محاولات تدجين هذا الجيل الشاب، واحتوائه، وتعميم ثقافة (السلام) والتطبيع، بدلا من غرس ثقافة العمل لإنهاء الاحتلال، قد فشلت فشلا ذريعا، حيث بزغ الشباب كحالة مقاومة فريدة للاحتلال والوقوف في وجه اعتداءاته.

ويشدد على أن الجيل الشاب نفض كل غبار الأفكار "الخبيثة" التي تتناقض مع ما يراه على أرض الواقع ويعيشه، مؤكدا أن تغول الاحتلال الإسرائيلي ولد ردات فعل لن تنتهي في صفوف الشباب.

ويوضح الرجوب أن انتفاضة الشبان وقيادتهم للفعل الكفاحي النضالي سواء بالسكاكين أو الاشتباك بالحجارة أو السلاح، يوحي بإيمانهم بهذا الفعل كطريق وحيد، عوضا عن إيمانهم بفشل مسارات اتفاق أوسلو.

ويضيف: "الشعب الفلسطيني بشبابه لن يستسلم ولن يقبل بجرائم الاحتلال التي تمارس ضده"، مؤكدا على أن الفعل المقاوم الشبابي ألحق ودون أدنى شك تأثيرات جمة في صفوف دولة الاحتلال، وأقضت مضاجعة.

سلسلة مترابطة

ويشير المحلل السياسي راسم عبيدات إلى أن أنموذج الشهيد "جرار"، وما لحقه من شهداء، هم حلقة ضمن سلسلة مترابطة من انتفاضة القدس التي افتتح أبوابها الجيل الشاب نفسه بعملية مهند الحلبي في أكتوبر/ تشرين أول 2015، ردًا على انتهاكات الاحتلال وتغوله وبطشه المتلاحق بالأرض والإنسان والمقدسات.

ويؤكد عبيدات لـ"فلسطين" أن الشبان رسموا في ثورتهم وهبتهم مسارًا أن الطريق الصحيح هو طريقهم، وأن أوسلو أوصل الشعب لكارثة حقيقية، اقتطع 25 عاما من عمره في خيار المفاوضات ودون أن يحقق دولة أو استقلالا.

وتابع: "هذا الجيل الصغير سنا وجد أرضه تنهب ومقدساته تضيع، وأمام قرارات جائرة جديدة تجعل من القدس عاصمة وحيدة للاحتلال بصك أمريكي، واسقاط حق العودة، فأراد أن يصحح المسار ويمحو ما اقترفه أوسلو من خطيئة وخطايا".

ويشدد عبيدات على أن تأثيرات "جيل أوسلو" على الاحتلال كبيرة، فهو فعليا يقض مضاجعه، لافتا أن الشهيد المقاوم جرار، وضع دولة الاحتلال كاملة بمستوياتها الأمنية والسياسية في حالة استنفار، عوضا عن خشيتها لانتقال نموذجه لشبان آخرين.

ويؤكد أن انتفاضة الشبان التي ما زالت مستمرة جاءت لتعبر عن فشل اتفاق أوسلو ونهج المفاوضات بشكل عام، لافتا إلى أن انتفاضة الشبان الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلة تجعلهم مصدر قلق دائم للاحتلال باعتبارهم الجيل المتصدر له فهو لم يترعرع بمعزل عن الصراع التاريخي الذي عاشته الأجيال التي سبقته.

ويلفت إلى أن الظن لدى الاحتلال بمستوياته كان يغلب أن ولادة جيل تحت سقف اتفاق أوسلو سيسرق قضيته، ويجعله جيلا بلا هوية وطنية، وكسر الشبان الثائرين، وهو ما لم يحدث.