فلسطين أون لاين

​هل تُشكّل قرارات ترامب المعادية للفلسطينيين "الضربة القاضية" للقضية؟

...
ترامب (أرشيف)
غزة - نور الدين صالح

تعصف بالقضية الفلسطينية متغيرات دولية وإقليمية إثر سلسلة من القرارات التي صاغها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه الحكم قبل عام، بشكل بات يهدد مستقبلها مع ضعف قيادة السلطة وعدم امتلاكها خيارات المواجهة.

وتطرح تلك المنعطفات، تساؤلاً مهماً بشأن ما إذا كانت الضربة القاضية للقضية الفلسطينية على يد "المصارع ترامب"؟.

يُجيب خبراء ومراقبون في الشأن الدولي، أن القضية الفلسطينية لا تزال حية وستبقى كذلك، ولا يستطيع أي كان إقصاءها عن الساحة الدولية والإقليمية، أو توجيه الضربة القاضية لها.

الكاتب والمفكر الفلسطيني في بيروت تيسير الخطيب، قال إن الإدارة الأمريكية الحالية تختلف عن سابقاتها بوضوحها في التعبير عن أهدافها ومواقفها تجاه كل القضايا، وخاصة الفلسطينية.

وأوضح الخطيب خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أن الإدارات الأمريكية السابقة لم تختلف كثيراً عن الحالية، لا سيما أنها لم تمارس أي ضغط على دولة الاحتلال، وكرّست إجراءاتها ضد الفلسطينيين.

وأشار إلى أهمية وعي الشعب الفلسطيني، بأن كل الإدارات كانت ضده "ووضعته في حالة من الجمود"، مُعتبراً الوقت الراهن هو "لحظة الحقيقة، التي كان يجب أن يدركها الفلسطينيون قبل الوصول لهذا المأزق الذي أوصلته لهم القيادة الفلسطينية المتنفذة"، وفق تعبيره.

وأكد ما سبق المختص في العلاقات العربية والدولية في عمان خالد عبيدات، مشيراً إلى أن لا أحد يمتلك توجيه الضربة القاضية للقضية الفلسطينية.

وعد عبيدات خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، تصرفات ترامب الأخيرة، أنها "ضربة قاضية للأسرار الأمريكية التي تكشفت، وليس للقضية الفلسطينية، التي على دراية بالحقيقة".

قال إن التطورات التي حصلت أخيراً، "عبارة عن كشف ما كان مستوراً ضد القضية الفلسطينية وعدم جدية الولايات المتحدة بوساطتها"، مشيراً إلى أن المرحلة تتطلب إصراراً فلسطينياً وعربياً، على الوصول للعدالة وإعادة الحق لأصحابه.

مفترق طرق

ويرى الخطيب، أن القضية الفلسطينية أمام مفترق طرق، "لذلك يجب على القيادة الفلسطينية مصارحة شعبها، والاعتراف بأخطائها السابقة، وأبرزها أوسلو، فذلك يفتح الطريق قليلاً أمام الفلسطينيين ليجدوا خيارات أخرى، يستطيعون من خلالها تأسيس مشروع جديد"، وفق قوله.

وبيّن أن العملية السلمية التي أمضتها السلطة الفلسطينية "كانت حالة تضليلية ومحاولة دائمة لإقناع الشعب بأن التسوية هي الخيار الوحيد، ولا بديل عن الوسيط الامريكي"، وفق رأيه.

وأوضح أن "القيادة الفلسطينية" لا تمتلك مشروع تحرر وطنيا شاملا، الذي وُجد قبل أوسلو، مطالباً بالعودة لذلك المشروع في ظل انعدام الأفق أمام الشعب الفلسطيني.

وعند سؤاله عن خيارات السلطة لمواجهة قرارات ترامب، أجاب الخطيب، بأن السلطة ليس لديها أي مؤشر جدي يدل على رغبتها في مقاومة التحديات، مرجحا أن تستمر السلطة بوضع "إدارة الأزمة"، وإلقاء اللوم على الإدارة الامريكية والاحتلال، دون الاعتراف بخطأ أوسلو، أو التحلل منه.

في حين يرى عبيدات، أن على السلطة أن تكون أكثر وعياً، باللجوء إلى أحضان شعبها لتحقيق الوحدة الفلسطينية، ومد يدها للأنقياء من العرب والمسلمين.

كما طالب عبيدات، السلطة بفتح المجال لأصحاب القلوب البيضاء من الأجيال الصاعدة، لأخذ زمام المبادرة ومواجهة التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية، مُستبعداً استسلام القيادة الفلسطينية رغم الضغوط المُلقاة على عاتقها.

لا أفق

من جانبه، استبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس في مسقط د. هاني البسوس، أي حلول سياسية للقضية الفلسطينية خلال السنوات القليلة القادمة، خاصة في عهد ترامب.

وقال البسوس لـ "فلسطين"، "لا أفق في أي حلول سياسية في المستقبل القريب، وليس هناك أي إمكانية للتعاطي بشكل قوي مع الحالة الفلسطينية، لأن أمريكا تضغط بقوة لصالح (إسرائيل) في جميع المستويات".

وأكد أن حل القضية الفلسطينية يحتاج إلى وحدة وطنية، والتفاف فلسطيني وقيادة موحدة، إضافة إلى اللجوء لكل القوى الدولية والإقليمية الداعمة لها.

واعتبر أن الموازين الدولية سيكون لها تأثيرها في المرحلة المقبلة، خاصة أن الولايات المتحدة لم تعد وحدها في الساحة الدولية، منبّهاً إلى أن المشكلة الرئيسة تتلخص بأن (إسرائيل) تعمل على كسب الوقت من خلال بناء المستوطنات والتهويد، واتباع سياسة الأمر الواقع.

وإزاء ما سبق، والكلام للبسوس، فإن السلطة لا تستطيع القيام بخطوات على المستوى الدولي، وتتخوف من فرض الولايات المتحدة أي عقوبات عليها.