إجراءات إسرائيلية (قانونية وعملية) متسارعة، منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القدس المحتلة، عاصمة لدولة الاحتلال في 6 ديسمبر/ كانون أول الماضي، وجميعها يرمي إلى بسط السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية المحتلة.
وصادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلية، منذ بداية العام الجاري 2018م، على بناء مئات الوحدات الاستيطانية، فيما صادق حزب الليكود -الحاكم في (إسرائيل)- مطلع العام، على مشروع قرار يقضي بضم الضفة الغربية لـ(إسرائيل)، وسريان القوانين الإسرائيلية كاملة عليها.
وهذا يعني أن حزب الليكود سيعمل على تمرير القرار في الكنيست الإسرائيلي ليصبح قانونًا فعليًا.
وبرأي مدير مكتب قسم الخرائط التابع لجمعية الدراسات في بيت الشرق بالقدس، خليل التفكجي، فإن (إسرائيل) لديها رؤية واضحة عبر مشروعها عام 1979م، وينص على "مليون مستوطن في الضفة الغربية".
وأفاد التفكجي، لصحيفة "فلسطين" بأن سلطات الاحتلال وأذرعها الاستيطانية المختلفة، طرحت خلال شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، 2400 عطاء في مستوطنات الضفة، مستدركا: "فإذا أضيفت قضية ضم 60% من مساحة الضفة لـ(إسرائيل)، فهذا يعني أن الاحتلال بدأ بالفعل عملية ترسيم الحدود، وتشريع كافة المستوطنات لتصبح قانونية حسب القوانين الإسرائيلية".
وقال التفكجي: "إن الاحتلال يسعي من وراء الاستيطان إلى إلغاء أي فكرة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، بمعنى أن تكون الدولة الفلسطينية في مكان آخر، بالتزامن مع ذلك رفع عدد المستوطنين وتناميهم للوصول للأهداف الاستراتيجية بتحويل الضفة لتجمعات سكنية متقطعة".
وبحسب معطيات إسرائيلية، فإن عدد المستوطنين في الضفة بلغ أكثر 615 ألف مستوطن، منهم 264 ألفًا يقيمون في المستوطنات الواقعة في شرقي بالقدس ومحيطها، و380 ألف مستوطن يعيشون في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة، موزعين على 570 بؤرة ومستوطنة إسرائيلية.
3 أدلة
وأكد الخبير في شؤون الاستيطان، أن الاحتلال الإسرائيلي انتقل إلى مرحلة تهويد الضفة، من خلال، أولًا: توسيع عمل الإدارة المدنية التابعة للاحتلال في الضفة، والثاني: الإعلان بين الحين والآخر عن المخططات الهيكلية والعطاءات لبناء المستوطنات بشكل كبير، والثالث: مصادقة حزب الليكود على قانون ضم الضفة للسيادة الإسرائيلي.
وقال التفكجي: "هذه مؤشرات تؤكد استحالة قيام دولة فلسطينية، وعليه فإن المستقبل قائم على تحويل الضفة لمنطقة عشائر وقبائل، من خلال تقسيم التجمعات الفلسطينية لعشائر وقرى يحكمها مخاتير".
وأضاف: "الاحتلال لا يفكر حاليًّا بشكل مطلق في قيام دولة فلسطينية مستقلة، وما يحدث في منطقة الأغوار وإخراجها عن طاولة المفاوضات، والقيام بإنشاء طرق التفافية بالضفة دليل على أن الاحتلال يفكر بـ(دولة مخاتير) وليس دولة مستقلة بالضفة".
وتوقع مدير مكتب قسم الخرائط التابع لجمعية الدراسات في بيت الشرق بالقدس، أن يستمر الاحتلال في توسيع المستوطنات القائمة، وإقامة مستوطنات جديدة في إطار خطته لتهويد الضفة.
استيطان متدرج
من جهته، قال الباحث في شؤون الاستيطان محمد أبو صالح، إن (إسرائيل) ومنذ احتلالها لأرض فلسطين 1948 تتدرج بالاستيطان والتهويد في الضفة والقدس المحتلتين، حتى وصلنا إلى إعلان الرئيس الأمريكي ديسمبر 2017م.
وأضاف أبو صالح، لصحيفة "فلسطين": "المرحلة التالية بعد إعلان ترامب، تشير إلى بسط السيطرة النهائية والكاملة على الضفة بعد الاعتراف قانونيًّا بالمستوطنات الإسرائيلية بالضفة أنها تابعة لدولة الاحتلال، ومن ثم العمل على سلب جميع مقدرات الشعب الفلسطيني وطاقاته، والتحكم بالكهرباء والمياه وطرق المواصلات وصولًا إلى أن يحكم الفلسطينيون بعضهم".
ورأى أن طرح (إسرائيل) لموضوع الحكم الذاتي للفلسطينيين، بهدف "التغطية على مصالحه"، مستدركًا: "مستقبل حكم السلطة للضفة أصبح بيد الاحتلال، الذي يعمل على تجفيف منابع الدعم لها بهدف الضغط عليها للقبول بمشاريع التسوية المطروحة والهادفة لتصفية القضية الفلسطينية".
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي عمل خلال السنوات الأخيرة على تغيير معالم وشوارع القدس جغرافيًّا وديمغرافيًّا، محذرًا في الوقت ذاته، "مما هو قادم في ظل استغلال الاحتلال للواقع العربي الذي يعاني من خلافات داخلية، والواقع الفلسطيني المنقسم".
وكانت لجنة التشريع الوزارية الإسرائيلية، صادقت، أخيرًا، على تعديل قانون يقضى بفصل مخيم شعفاط وكفر عقب عن القدس، وهي خطوة اعتبرها خبراء ومختصون تطهيرًا عرقيًا تهدف إلى إخراج 150 ألف مقدسي خارج حدود المدينة، بهدف خفض أعداد الفلسطينيين في مدينتهم المقدسة.