"فات الأوان.. ابنتك منتهية!".. قالها طبيب إسرائيلي لوالدة الطفلة نهيل الثلاثيني 8 سنوات، التي توفيت أول من أمس في أحد المستشفيات الإسرائيلية بعد تأخر حصولها على تحويلة طبية من دائرة العلاج في الخارج بوزارة الصحة في رام الله منذ 50 يومًا.
"بدي أحضر عرس خالو وألبس بدلة فرح".. كانت هذه أمنية الطفلة نهيل وهي تحدث والدتها قبل أن يفاجئها المرض منذ شهرين، حينما ارتفعت نسبة ضغط الدم لديها.
قامت العائلة إثر شعورها بألم في أنفها وفمها ورأسها والذي ظهرت عليه علامات تورم، بإجراء تحويلة عاجلة لمستشفى المقاصد بالقدس المحتلة.
تقول والدتها المكلومة "فداء الثلاثيني" لصحيفة "فلسطين": "في المقاصد أخذ الأطباء عينة من الأنف، وقاموا بإعادتها إلى غزة بانتظار نتائج فحص العينة على أساس أن ابنتي سليمة رغم أنها كانت تنزف ولا تستطيع النوم لا في الليل ولا في النهار من ألم النزيف".
عادت نهيل ووالدتها من المقاصد رغم رغبتها بأن تبقى بالمستشفى إلى حين ظهور نتائج العينة، حتى يقرر الأطباء إما إجراء العملية أو إعادتها. وتواصل: "أعادنا المقاصد لغزة رغم أن هناك ورما ظاهرا في رأس ابنتي، وحينما عدنا إلى غزة، حتى المستشفيات هنا ربطت استقبال ابنتي بظهور نتائج العينة".
تتساءل الثلاثيني بنبرة صوت اختلط فيها الحزن بالمرارة عن سبب عدم قيام المقاصد بإزالة الورم السرطاني الذي كان يفرز نزيفا مستمرا...
وبعد أن ظهرت نتائج عينة المقاصد أنها حميدة، والكلام لوالدة نهيل، قام الأطباء في غزة بإجراء فحوصات جديدة نظرًا لسوء حالتها الصحية وأظهرت النتائج أن هناك ورما خبيثا في رأسها، وهو ما بدأ ينهش بشكل متسارع جسدها النحيل ففقدت نظرها، وتوقفت عن الكلام، وأصبحت تتنفس بصعوبة.
تستعيد ذلك المشهد القاسي: "أمام هذه الظروف التي عانت منها ابنتي التي وصلت لحد ثقب القصبة الهوائية كي تستطيع التنفس، قمنا بالسعي للحصول على تحويلة عاجلة لإخراجها للمستشفيات الإسرائيلية وذلك منذ 50 يوما ونحن نناشد وزير الصحة ودائرة العلاج في الخارج التي قامت بمنحنا تحويلة في 21 يناير/ كانون ثان الجاري رغم تحذير الأطباء في غزة من أن حالتها خطرة جدا".
احتست جرعة من صمت أذابها ألم الفراق، وأكملت: "لقد حاولنا التواصل مع المستشفيات لاستقبالها مرة أخرى لكن كانوا يرفضون استقبال ابنتي ولم نكن نفهم سبب الرفض".
ومع المناشدات من عائلة الطفلة والأطباء في غزة الذين تواصلوا، كما تتابع الثلاثيني، مع الاطباء الإسرائيليين وأبلغوهم باستعداداتهم لاستقبالهم، قامت دائرة العلاج بالخارج بالسماح للطفلة بالسفر للمستشفيات الإسرائيلية قبل أسبوع.
"انتم ليش بتجيبوا الأطفال وهم ميتين؟ ليش ما بتبعتوا أطفالكم من بداية المرض؟".. كان هذا الكلام من طبيب إسرائيلي تعجب في حديثه لوالدة الطفلة لتأخير تحويل الطفلة، بعد أن كانت نسبة نجاح علاجها تبلغ 80% لو أرسلت في بداية المرض، كما تنقل عنه.
ما زالت تتحدث عما وصفته بالإهمال المتعمد في تحويل ابنتها: "لا نفهم لماذا لم تحصل ابنتي على تحويلة عاجلة، أليست هذه التحويلات هي للشعب الفلسطيني؟ حسبنا الله ونعم الوكيل على من كان سببا في موت ابنتي".