ربما يتشابه ظاهرهما.. لمعانا وبريقا، لكنهما حتما تختلفان في خواصهما ووظيفتيهما.. حبة سكر وقطعة زجاج.
حاولت حبة سكر يومًا ما أن تغير من خواصها ظانّة أنها ضعيفة بسبب ذوبانها السريع في الماء، راغبة في اكتساب صلابة الزجاج، ومتغافلة عن دورها الذي يميزها عنه، متناسية أنها تفضله بقدرتها على بث الحلاوة في فم ذلك الصبي أو تلك الفتاة.
صحيح أن المرأة خُلقت من ضلع الرجل، لكن الله ميّزها بخواصٍ تختلف عنه تبعا للوظيفة التي أُوكِلت إليها، فهي من يقع على عاتقها تحقيق الاتحاد الروحي والشعوري مع زوجها، ودعم الحصانة النفسية والأخلاقية له، من خلال ممارستها لدورها الذي وُصفت به في قول الله تعالى: "وجعل منها زوجها ليسكن إليها"، وهذا السكن لا يتأتى إلا من خلال تغليفها لعلاقتها بزوجها بالمودة واللطف والأنوثة، وأن عليها أن تعلم أن أي محاولة للارتقاء بنفسها وتطوير مهاراتها، يجب أن تكون في سياق وظيفتها المترتبة عليها استغلالا لقدراتها الفسيولوجية، وتحقيقا لصفاتها وميزاتها النفسية، لا خروجًا عن وظيفتها وهدرا لطاقتها.
قد تفهم بعض الزوجات رعايتها لزوجها في إطار القيام على طعامه وشرابه ولباسه، مكتفية بهذا الدور، لكن مفهوم الرعاية الذي شمله المعنى المقصود في قول الحبيب عليه السلام: "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"، يتجاوز هذا الأداء الخدمي إلى تحقيق الرعاية النفسية والعاطفية والغريزية للزوج، كونه ينسجم تماما مع دورها الأساس وهو إتمام السكن له.
كما أنها تتصدر عناوين السعادة التي يبحث عنها أبناؤها، فهم دائمو النظر في وجهها وأفعالها، تأسرهم ابتسامتها، وترضيهم نظراتها الحانية، ويفرحون بملاعبتها لهم. تستقبلهم بدفء الأمومة، وتحيطهم بجناح حمايتها ورعايتها، هي بالنسبة لهم مصدر السعادة والإلهام، ينظرون إلى أنفسهم بعيونها ويفرحون برضاها.
لكن بعض الأمهات تختار حوار الأوامر والقسوة والصراخ والعقاب والضرب والإهانة كوسائل لتعديل أخطاء أبنائها، وتصحيح تصرفاتهم، لتتحول عن دورها التربوي والأسري، وتصبح مصدر نفور أبنائها، وتدفعهم لتلقي قيمهم وأسلوب حياتهم من غيرها.