قال الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد، إنَّ الرابح من اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان ماديًا ومعنويًا هو حزب الله ومحور المقاومة، مشيرًا إلى أن الاحتلال تراجع عن شروطه المعلنة.
وأوضح أبو زيد في تصريحات لـ"فلسطين أون لاين"، أن حكومة نتنياهو تنازلت عن شروطها فيما يتعلق بوجود فرنسا ضمن لجنة مراقبة الاتفاق وتنازلت عن شرط حرية الحركة الجوية والبرية داخل لبنان، وقبلت بالتحفظات اللبنانية على الشروط التي تنتهك السيادة اللبنانية.
وأشار إلى أن حماس رحبت بوقف إطلاق النار في لبنان، يضاف إلى ذلك حسب أبو زيد إلى أن المعادلة التي كانت تحكم العلاقة الاستراتيجية لمحور المقاومة تقوم على وحدة الساحات واستقلالية الجبهات بمعنى أن وحدة الساحات بالإسناد والاستقلالية بحرية التصرف بما تقتضيه مصلحة الفصائل المقاومة.
وشدد الخبير العسكري والإستراتيجي، على أن قوات الاحتلال استنزفت إلى حد بعيد في جنوب لبنان وألوية النخبة (جولاني، وحدة ايغوز، فرقة المظليين 98 ) التي اشتركت في جنوب لبنان تعرضت لخسائر كبيرة لن تمكنها من العودة إلى القتال في غزة لمدة 3-4 اشهر على أقل تقدير.
وأوضح أن هذه الوحدات تحتاج إلى إعادة ترميم نتيجة الخسائر التي تعرضت لها لذلك فإن خيار إعادة الـ5 فرق كلها أو حتى جزء منها التي قاتلت في جنوب لبنان إلى غزة أمر غير وارد حاليًا مما يعني أن المقاومة قادرة على استنزاف الـ 6 الوية الموجودة في غزة وعلى رأسها لواء كفير ولواء جفعاتي الذين استنزفوا شمال غزة في جباليا وبيت لاهيا نتيجة الخسائر العالية في القوى البشرية، الأمر الذي يشير إلى أن الاحتلال بات أيضًا في غزة أمام واقع صعب في ظل ضيق الخيارات العسكرية وفاتورة التكاليف الباهظة.
وأضاف أبوزيد، أن مبادرة وقف إطلاق النار التي وافق عليها نتنياهو لم تكن الأولى حيث سبقها مبادرة في 21 أيلول الماضي رفضها الاحتلال حينها، رغم أنها كانت تتضمن نفس البنود الحالية ليكون السؤال لماذا رفض نتنياهو تلك المبادرة وعاد ووافق عليها نفسها الآن ؟ الإجابة بكل وضوح، الفشل الذي تعرض له جيش الاحتلال في تحقيق إنجاز ميداني يمكن من خلاله أن يقوي وضع الاحتلال التفاوضي.
وقال أبوزيد: إذا ما ربطنا النتائج بالأهداف نجد أن العملية العسكرية لم تحقق أهدافها وهي إعادة سكان مستعمرات الشمال ولم ينجح بخلق منطقة عازلة جنوب لبنان ولم ينجح بالقضاء على حزب الله.
وهنا يمكن الاستدلال حسب أبوزيد إلى أن الفشل العسكري "الإسرائيلي" انعكس على قدرة الصمود السياسي مما دفع الاحتلال إلى القبول باتفاق وقف إطلاق النار والتناقض مع رؤية المستوى السياسي في "إسرائيل"، وأُجبر عليه بسبب فاتورة التكاليف العالية التي لم تكن متوقعة خاصة في ظل تقديرات المستوى الاستخباري في "إسرائيل" بأن حزب الله (انتهى) بعد تهشيم الهيكل التنظيمي له وبعد عملية البيجر التي حقق فيها الاحتلال نجاح استخباري لكنه فشل إستراتيجيًا.
وأشار إلى أن بعض التحليلات تميل لاستخدام مصطلح ( التعادل ) بمعنى أن المعادلة التي انتهت فيها الحرب مع حزب الله في إطار لا غالب ولامغلوب، وهذا عسكريًا غير صحيح لأن التعادل في مثل هذا النوع من الصراع بين جيش نظامي بقوات تقليدية ومقاومة بقوات غير تقليدية يكون لصالح المقاومة، لأن الخاسر الأكبر الجيش الأقوى الذي فشل في إخضاع المقاوم الأصغر والأضعف حسب موازين القوى.
وتابع أبو زيد " هذا يعني أن القوات النظامية التي تفشل في كسر إرادة القوات غير النظامية تكون انهزمت والمقاومة غير النظامية التي استطاعت الصمود وكسر إرداة القوة النظامية وتجريدها من تحقيق أهدافها تكون انتصرت بالمفهوم العام لأن الانتصار بالمفهوم التقليدي أصبح يعتمد على كسر الإرادة وتحقيق الأهداف" .