فلسطين أون لاين

​معاناة الأسرى تتضاعف مع الأيام

المحرر أبو زينة: ما أقسى أن تعرّف فلذة كبدك عن نفسك

...
الأسير المحرر باسل أبو زينة
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

لم يدر بخلد الأسير المحرر باسل محمد أبو زينة (41 عاما) يوما ما أنه سيجلس مع طفله "براء" ليس ليداعبه كعادة الآباء مع أبنائهم بل كي يعرفه عن نفسه.

وأقدم الاحتلال الإسرائيلي على اعتقال أبو زينة مطلع عام 2007 بعد اشتباكه مع قوة خاصة كانت تحاول التسلل شرق بلدة جباليا، شمال قطاع غزة، وحينها كان براء داخل أحشاء أمه جنينا وتحديدًا في شهره الرابع.

وتعد تلك اللحظات التي اجتمع فيها الأب مع ابنه لأول مرة من أقسى الدقائق التي عاشها باسل خلف قضبان الاحتلال, قبل أن يفرج عنه أخيرا بعد انتهاء محكوميته البالغة عشر سنوات.

وعن ذلك يقول أبو زينة لصحيفة "فلسطين": "لا أتوقع إطلاقا أن أعيش مجددا مواقف صعبة في حياتي كتلك التي جمعتني مع براء في إحدى غرف سجن ريمون الإسرائيلي (..) فما أقسى أن تسابق الزمان كي تعرّف فلذة كبدك عن نفسك قبل أن ينفذ وقت الزيارة القصير أصلا".

وأمضى أبو زينة قرابة العام والنصف في غرف التحقيق متنقلا بين محاكم الاحتلال، التي أصدرت بحقه بداية حكما بالسجن 20 عاما قبل أن ينجح المحامي بتخفيفها إلى عشرة أعوام، قضاها متنقلا بين عدة سجون كنفحة وريمون وعسقلان وبئر السبع.

"المعاناة في الأسر تتضاعف بوتيرة متسارعة مع الأيام في ظل سجان واحتلال إسرائيلي يحاول بمختلف الوسائل التضييق على الأسرى وسلبهم أدنى مقومات الحياة داخل معتقلاتهم التي هي أقرب إلى قبور الأموات"، يضيف المحرر باسل.

ويتابع أبو زينة "في الأشهر الأولى من السجن عايشت سلسلة طويلة من الانتهاكات بدءا من الاقتحامات الليلية والتفتيش المذل في عز الشتاء والبرد القارس والازدحام داخل الغرف, فضلا عن الإهمال الطبي المتعمد والتنقلات التعسفية بين السجون إلى جانب الحرمان من الزيارات العائلية".

وأشار أبو زينة إلى أن الاحتلال حرمه من رؤية عائلته طوال السنوات الخمس الأولى حتى سمح لأمه وزوجته بالزيارة ثم لطفلتيه قبل أن يسمح بزيارة أصغر أبنائه براء (10 أعوام) ولكنه عاد خلال الأشهر الأخيرة لفرض قرار حظر الزيارة على جميع أسرى حركة حماس من غزة.

وأكد أن الاحتلال يمارس على الأسرى منذ انتهاء عدوان 2014 الذي شهد أسر كتائب القسام لعدد من جنود الاحتلال, سلسلة من الانتهاكات غير الإنسانية، مبينا أن وصية الأسرى الأولى والأخيرة هي العمل على تحريرهم وإخراجهم من غياهب السجون مع زيادة وتيرة التضامن الشعبي والرسمي معهم.

ورغم تنسم المحرر أبو زينة لعبق الحرية وسط عائلته في غزة, إلا أن غصة بقاء رفاقه خلف قضبان الاحتلال ما زالت تستوطن قلبه وتشغل باله، ويعلق على ذلك "تركت خلفي أحبابًا تخجل الجبال من قوة ثباتهم وصبرهم على المحن، إلا أن شوقهم للحرية واحتضان أحبابهم يهزمهم.. فاللهم أكرمهم بالحرية كما أكرمتني".

وفي وسط انشغال الحاج "أبو رجب" باستقبال المهنئين بتحرر نجله باسل قال لصحيفة "فلسطين" "كان لقاء الحياة والعمر هو الذي جمعني بابني عند حاجز بيت حانون(إيرز) بعد عشر سنوات كاملة من الحرمان والشوق".

وطوال فترة أسر باسل كان للحاج الثمانيني أمنية واحدة بأن يطيل الله في عمره حتى يرى نجله خارج السجن، وهو الذي اكتوى خلال سنوات الانتفاضة الأولى عام 1987 باعتقال الاحتلال لثلاثة من أبنائه خلال فترات متقاربة.