انتهت الزيارة وهممت بالمغادرة كالعادة، عندما تفاجأت بأحد جنود الاحتلال يطلب مني الحضور معه وبدأ يدخلني غرفة تلو أخرى، حتى وجدت نفسي أمام هامة لطالما اشتقت أن ألمس يديها عن قرب، فإذا ببسام بابتسامته التي كلها أمل شاخصا أمامي في واحدة من مفاجأته التي اعتدتها منه حتى قبل اعتقاله.
بهذه الكلمات، تحدثت الأسيرة المحررة منى السائح زوجة الأسير المريض بسام السائح، عن تفاصيل لقائها بزوجها القابع في سجن "إيشل" الإسرائيلي، حيث سمح الاحتلال لهما باللقاء المباشر لعدة دقائق لالتقاط الصور.
واعتقل الاحتلال بسام (43 عامًا) من مدينة نابلس، في الثامن من تشرين أول/ أكتوبر 2015، خلال توجهه لحضور جلسة محاكمة لزوجته "الأسيرة حينها"، منى، في محكمة "سالم العسكرية" قرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.
غمرتني فرحة عارمة ونسيت كل الألم والوجع والغصة التي تلاحقني نتيجة اعتقال بسام ومرضه، تصف منى مشاعرها لصحيفة "فلسطين"، مضيفة: "عندما رأيت بسام كالأسد يقف رغم مرضه ينشر الابتسامة التي كانت بمثابة البلسم اقترب مني وأمسك بيدي وقبلها قائلا لي الله معنا وأملي بأن الله سيفرج عني بالسواعد الطاهرة".
وأردفت: "رغم مرض بسام وسرطان الدم والعظم الذي ينخر به الا أنه كان كالجبل، ولا أبالغ إذا ما قلت بأنه يتمتع بقوة وإصرار أكثر مني ومن غيري، فإيمانه بالله لا يوصف وصبره مدرسة، وبلقائه تجدد الأمل وانتعشت الروح وازددت يقينا بأن بأمثال هؤلاء يجلب النصر والتمكين في الأرض".
بسام ورغم كل ظروفه تتابع منى: "إلا أنه يصر على أن يرسم الابتسامة على وجهي، فكما عودني في حياتنا على المفاجآت، وحتى وهو وراء القضبان كان يخطط كيف له أن يسعدني ويفاجئني في رومانسية مقاوم لا يعرف اليأس ولا الهزيمة ويصر على أن ينتزع الابتسامة من بين أنياب الاحتلال وقضبان سجونه".
وأكملت حديثها عن تفاصيل ذلك اللقاء السريع قائلة: "طلبنا كرسيا لنجلس عليه أثناء التصوير إلا أن الجنود رفضوا ذلك، ومع ذلك لم تنجح محاولات تنغيص اللقاء فبسام بكلماته وعباراته التي نطقها خلال أقل من خمس دقائق أعطاني درسا آخر في الصبر".
وعن الظروف الصحية لبسام، قالت السائح: "أثناء الزيارة تحدثنا خلال 45 دقيقة عن الأمور الحياتية وسألت عن صحته كونه يعاني من نوعين من مرض السرطان منذ عدة سنوات الأول في الدم والآخر في العظم، مشيرةً إلى أن إدارة السجون تماطل دوما في توفير العلاج والرعاية الطبية اللازمة له".
ولفتت إلى أن لقاءها بزوجها بسام هو الأول منذ ثلاث سنوات كون اعتقاله تم أثناء جلسة المحكمة الخاصة بها عام 2015، حيث حضر آنذاك للمحكمة ليتم اعتقاله ليتبين لاحقا بأنه متهم بالتخطيط والوقوف وراء عملية "ايتمار" البطولية في مدينة نابلس.
وختمت السائح: ودعني "المقاوم المبتسم" كما أطلقت عليه الاسم قائلا: "بلغي سلامي للجميع، والفرج سيكون قريبا، خرجت من عنده وما زلت أعيش تفاصيل تلك الدقائق التي لم تكن سوى حلم مستحيل بالنسبة لي".