حظيت القدس عبر التاريخ بمكانة كبيرة خاصة عند المسلمين باعتبارها مدينة مقدسة والدفاع عنها واجب مقدس، بل إن المؤرخين أجمعوا أن وضع مدينة القدس يعكس وضع الأمة العربية والإسلامية ، فإن كانت القدس بخير فالأمة بخير، وإن لم تكن، فإنهم ليسوا بخير.
في عام 1967 وقعت القدس تحت الاحتلال الصهيوني ، ومنذ ذلك الوقت والاحتلال يجتهد من أجل إعادة صياغة جغرافية المدينة وتاريخها بما يخدم مصالحه ونظرياته، والمتأمل في الإجراءات الصهيونية بحق القدس بما فيها ومن فيها يجدها تسير بوتيرة متسارعة أحيانا وبوتيرة أخف أحياناً أخرى، وهذا راجع إلى طبيعة المعطيات السياسية داخليا وخارجيا، لكنها لم تتوقف.
ولربما كان عام 2017 أفضل الأعوام بالنسبة لدولة الكيان الصهيوني لأنها وجدت في الرئيس الامريكي دونالد ترامب الداعم القوي والعلني لها بما فعلته وبما تفعله ويبارك لها ما ستفعله مستقبلاً.
في تقرير( حصاد القدس السنوي) الصادر عن مؤسسة القدس الدولية، أكدت المؤسسة أن عام 2017، كان عاماً مليئاً بالأحداث والمواقف والمسارات، تجلى في محطتين أساسيتين، الأولى في "هبة باب الأسباط" التي بدأت في (14/7/2017) بسبب محاولة الاحتلال الإسرائيلي لفرض أمر واقع جديد في الأقصى من خلال نصبه كاميرات مراقبة وبوابات إلكترونية، بينما تجلت المحطة الثانية في إعلان ترامب وما يشكله من محاولة أمريكية لشرعنة وجود الاحتلال في المدينة العربية والقفز على حضارتها العربية الممتدة منذ خمسة آلاف سنة.
وبخصوص هدم البيوت ذكر التقرير أن سلطات الاحتلال هدمت خلال عام 2017، نحو 154 منزلًا ومنشأةً سكنيةً وتجاريةً وزراعية بمختلف قرى وبلدات القدس المحتلة من بينها 13 منزلًا أُجبر أصحابها على هدمها بأنفسهم تفاديًا لدفع تكاليف الهدم الباهظة، وأخطرت سلطات الاحتلال بالهدم 555 منزلًا ومنشأة، فيما استولت مجموعات المستوطنين على 6 منازل .
أما عن الاستيطان وعمليات المصادرة فيؤكد التقرير أنه تمت المصادقة على بناء وتنفيذ 16252 وحدة استيطانية منذ بداية عام 2017 ، سعيًا لتكريس استراتيجيتها التهويدية، وعن تعامل قوات الاحتلال مع اهل القدس يقول التقرير إنها شددت قبضتها الأمنية على الفلسطينيين من خلال سلسلة من العقوبات والإجراءات العنصرية، لا سيما الاعتقال والقتل والإعدام الميداني في بعض الحالات، كما، استشهد خلال عام 2017، 17 مقدسيًا من مختلف قرى وبلدات القدس المحتلة بوسائل مختلفة لا سيما القتل المتعمد.
واعتقلت قوات الاحتلال خلال عام 2017 أكثر من 2216 مقدسيًا، نصفهم خلال هبتي "باب الأسباط" في شهر تموز/ يوليو، و"هبة العاصمة بعد قرار ترامب" في شهر كانون أول/ ديسمبر، وتستمر قوات الاحتلال باحتجاز جثمان 15 شهيدًا فلسطينيًا استشهدوا منذ مطلع انتفاضة القدس أواخر عام 2015، بينهم 3 شهداء مقدسيين.
نختم بأنه رغم أن (إسرائيل) ماضية في تهويد القدس دون أي اكتراث بقرارات الأمم المتحدة والمطالبات العربية وقواعد القانون الدولي الانساني، إلا أن الأنظمة العربية تبدي استعدادها، بل وتهرول نحو اقامة علاقات كاملة وشاملة مع الكيان الغاصب ويمدون له يد السلام.