يرى خبيران في الشأن الإسرائيلي أن عملية إطلاق النار الأخيرة، التي وقعت جنوب مدينة نابلس وأدت لمقتل مستوطن، تعطي دفعة معنوية للشبان الفلسطينيين للاستمرار بتنفيذ هذا النوع من العمليات، عوضاً عن إسقاطها النظرية الأمنية الإسرائيلية حول قدرة سلطات الاحتلال على تقويض العمل المقاوم.
وأوضح الخبيران أن العملية جاءت بخلاف التقديرات الأمنية لجيش الاحتلال، التي قالت إن انتفاضة القدس بعد قرار ترامب قد انتهت.
وقتل مستوطن إسرائيلي مساء أول من أمس في عملية إطلاق نار فردية غرب قرية "تل" شمال الضفة الغربية المحتلة، على مدخل البؤرة الاستيطانية "جفات جلعاد".
ثلاث رسائل
وحملت العملية وفق الخبير في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، ثلاث رسائل للاحتلال، الأولى للمستوى السياسي الإسرائيلي أن الشعب الفلسطيني لن يصمت على الاختراقات السياسية الإسرائيلية في موضوع القدس، والثانية إلى أجهزة أمن الاحتلال بأن هناك عمليات ستخرج لحيز التنفيذ، أما الثالثة فللمستوطنين بأن التوسع الاستيطاني بالضفة المحتلة سيكون على حساب أمنهم الذي لن يشعروا فيه.
وأشار أبو عواد، إلى أن السنوات الأخيرة شهدت أمرا مهما متمثلا بإغلاق الاحتلال للأفق الاقتصادي والسياسي في وجه الفلسطينيين، إضافة إلى التهويد المستمر للمناطق الفلسطينية.
وبين لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال ومن خلال سياساتها واعتداءاتها جمعت الفلسطينيين على نهج المقاومة كخيار وحيد للتصدي للإعلان الأمريكي بشأن القدس.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن في السادس من ديسمبر الماضي، مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل)، وقد أثار القرار ردود فعل غاضبة في العالم، ومواجهات شعبية في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ورأى أبو عواد، أن العملية تدلل على فشل منظومة الأمن الإسرائيلية التي تدعي قدرتها على احتواء الأوضاع.
وإزاء إجراءات الاحتلال بعيد العملية، أوضح أن النهج بات معلوماً، ففي كل مرة تحدث فيها عملية يرفع جيش الاحتلال سقف العقوبات ضد الشعب الفلسطيني، ويبدأ بالبحث عن مسببات العملية، مع الإشارة إلى أن التضييق الأمني يؤدي لتصاعد العمليات ولكنّ المنفذين المحتملين يتحينون الفرصة.
وأشار إلى أن العمليات غير المنظمة والتي لم تتوقف من أكتوبر 2015 تكشف ضعف الفكر الأيديولوجي لليمين الإسرائيلي، الذي راهن على القبضة الأمنية لدفع الشبان الفلسطينيين.
ووفقا لإحصائيات نشرها جيش الاحتلال مطلع يناير الجاري، شهد عام 2017 وقوع 99 عملية قتل فيها 20 إسرائيليا، وأصيب حوالي 169، مقارنة مع 269 عملية في عام 2016 قتل فيها 17 إسرائيليا وأصيب 263 آخرون.
وتبعا لكلام الخبير في الشأن الإسرائيلي فإن هناك قناعة لدى الاحتلال بأن العملية تأتي ضمن سلسلة من العمليات ستستمر لفترة طويلة، وأن "الشبان الفلسطينيين باتوا يفضلون الموت من خلال تنفيذ عمليات تكلف الاحتلال ثمنا، بدلاً من الموت في المواجهات الشعبية".
الأهمية في الأثر
ويتفق الخبير في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي، مع سابقه بأن العمليات الفردية تأتي في السياق الطبيعي لاستمرار انتفاضة القدس والرفض الشعبي للاعتداءات على القدس، فضلا عن قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة بما يعني تجاوز السلطة وسحبت كل الصلاحيات منها، باعتبار أنه لم يعد للفلسطينيين وجود على أراضي فلسطين التاريخية إذا ما طبقت هذه القرارات.
وقال مرداوي لصحيفة "فلسطين": أهمية هذه العمليات تكمن في آثارها وما ينتج عنها وليس حجمها، معتبرا أن عملية نابلس ألغت كافة التقديرات الأمنية الإسرائيلية، التي قالت إن هبة الأقصى بعد قرار ترامب قد انتهت.
وأضاف: "العملية تأتي لتنهي التقدير وتوحي باتجاهات أقوى ومؤثرة، باعتبار أن الشعب الفلسطيني كله بات على بوابة التحام مع الاحتلال ومستوطنيه".
ورأى مرداوي، أن عملية نابلس كانت مفاجِئة للاحتلال وغير متوقعة، بدليل أنه لم يكن هناك إجراءات أو توقعات أمنية بحتمية وقوع عملية، وهو ما أظهرته عملية إنقاذ المصابين والقتلى الإسرائيليين التي جاءت متأخرة جدا، وأدت لعدم تقديم الإسعاف الأولي، مما يدلل على أن جيش الاحتلال تفاجأ في الزمان والمكان وطريقة التنفيذ.

