فلسطين أون لاين

​ماذا تُخبِّئ لك سنة 2017؟

...
صورة تعبيرية
بقلم/ إكرام السعايدة

مع اقتراب نهاية عام وبداية عام جديد، يُقبل المواطنون لا سيما النساء منهم على متابعة الصحف والمواقع والبرامج التي تتناول قراءة الأبراج والتوقعات المستقبلية بشكل كبير، والمتابع يجد أن كثيراً ما يتهافت الناس على متابعة تلك الصحف وكذلك البرامج الاذاعية، التي تتوقع ما يخبئ لك هذا العام وهل هو عامٌ جديد يحمل لك بشريات الخير ويتوقع لك ازدهاراً في نواحٍ عدة في حياتك فقد يتوقع لك أن ترتبط هذا العام، أو حتى تحصل على فرصة عمل أو تعقد صفقةً رابحة، تجد نفسك تطير فرحاً، وتنتظر بفارغ الصبر تلك البشريات والله وحده من يعلم ماذا تخبأ لك الأقدار، وعلى النقيض تماماً تجدهم يحذرونك من هذا العام فسوء طالعك يلوح بالأفق وتبدأ النصائح تنهال عليك بأن لا ترتبط أو تسافر وغيرها من الأمور حتى لا يصيبكَ أي مكروه كما ادعوا، بت اليوم أكثر حذراً حتى في أبسط تفاصيل حياتك اليومية، تخشى من رنة هاتفك أن تحمل لك نذير شؤمٍ، فأنت تتوقع كل شيء بعد أن طالعت برجك اليوم.

لست هنا بموقع واعظٍ أو رجل دينٍ يا عزيزي، ولكن تعال معي وتأمل هذا الحديث الهُراء، هل تؤمن بهذه السخافات؟!

هل تجعل حياتك رهنا لما يقوله المنجّمون؟! بالطبع سأجد أحدهم يقول لي مجرد تسلية وسد لهوة الفراغ الذي يحاصرنا، سأقول لك يا عزيزي: "من لا يشغل نفسه بالحق شغلته نفسه بالباطل".

إن متابعة الطالع لهذا العام أو لذلك اليوم تشكل هاجسًا بالنسبة إلى البعض فتجدهم يتابعونها بشكل يومي ويصدقون كل ما جاء فيها، ويرجع ذلك إلى حالة الخواء الروحي والنفسي والفكري التي تعاني منها تلك الشريحة، فهم "كالغريق الذي يتعلق بقشة".

وقد بينت الدراسات، والتي جاءت لتدحض المعتقدات التي تعتبر أن التنجيم هواية غير مؤذية، أنه يؤثر سلبا على صحة من يهتم به كثيرا، ويتميز هؤلاء الناس بسلوك متهور وخاصة في حال قراءتهم للتوقعات السلبية.

وهذا الأمر ليس مدهشا إذ إنهم يعيشون دائما في انتظار وقوع أحداث سلبية.

ومن زاوية أخرى نجد بعض الناس يهتمون بتحليل الشخصيات وفقًا لعلم الفلك والأبراج، والتي تبين لهم المميزات الأساسية في الشخصية وماذا تحب وماذا تكره؟، وهناك من يعتقد أن الأبراج تقدم حلولا ناجعة للمشاكل الاجتماعية التي تعترض طريقهم، ومنهم من يرى أنها وسيلة جيدة لتقديم النصيحة وتطوير النفس على مختلف الأصعدة، والبعض الآخر يرى فيها أملاً ووسيلة لاستبصار غده المشرق.

ويذهب البعض إلى أبعد من هذا كله فيسيّر حياته وفقًا لتوقعات علم الفلك وكأنه يكتب الرواية وينفذها بعناية، وهذا بالطبع يُعزى إلى جملة من العوامل لعل أبرزها حالة الخواء الروحي والفكري بالإضافة إلى ميول ومعتقدات الشخصية المؤمنة بها، إلى جانب الوسط البيئي والاجتماعي السائد بين تلك الفئة، وهذا الأمر يؤثر سلباً على صحة الأفراد النفسية.

لا شك أن قراءة الأبراج ظاهرة غير صحيّة على جميع فئات المجتمع الذين يتوقون لمعرفة مستقبلهم، وما يعانيه الشّباب لاسيما الفتيات تحديداً من أزماتٍ في العمل، وفي العاطفة والارتباط، وأيضاً في التّواصل سبّب لهم الإرهاق اليومي، ممّا دفعهم إلى الهروب للأبراج بدافع التّسلية حسب اعتقادهم وبينما هو إرضاءٌ للنّفس ويعقبه تأثير نفسيّ لا شعوريّ سلبيّ بالإضافة إلى أنّ ذلك سيجعل الشّخص معتمداً فقط على ما يقال في الصّحف والمجلّات الّتي تتوقع الحظّ لسنة بأكملها، ويجعله مسيّراً لحياته اليوميّة. الأسوأ من كل هذا أن البعض يعتقد أنّ الأبراج حقيقة ويجب الإيمان بها، وهذا يعدّ خطراً كبيراً، وتكمن الخطورة بشكلٍ أكبر عندما يقرّر أولئك الأشخاص الزواج ممّن تتوافق أبراجهم وإيّاهم، وتجنّب من تتنافر أبراجهم معهم.

من المؤسف أن يبني بعض الأفراد حياتهم وفق تكهنات وتوقعات الفلك وما تتركه من آثار نفسية سلبية عميقة وخاصة إذا جاءت الوقائع بخلاف تلك التوقعات، وفي النهاية عزيزي القارئ لا تترك نفسك لُعبة سهلة في يد المجهول.