أتساءل بمرارة, ما الذي يجعل مثقفا مرموقا مثل سعد الدين ابراهيم ينزلق إلى مثالب التطبيع مع العدو الصهيوني فيقوم بإلقاء محاضرة بعنوان :”دروس من قرن الاضطرابات في مصر” في جامعة تل أبيب؟ أهي الشهرة ؟ أهو المال؟ أم إثارة النقاش من حوله ؟ هذا في الوقت الذي يقوم فيه الكنيست الصهيوني بالتصديق بالقراءة الأولى على قانون إعدام الفلسطينيين, وفي الوقت الذي يقوم فيه مركز الليكود بالتصويت بالإجماع على قرار ضم الضفة الغربية إلى دولة الكيان, ويوافق فيه الكنيست على سن القرارات الأكثر عنصرية في تاريخه, والموافقة على إنشاء مليون وحدة سكنية جديدة في المستوطنات حتى عام 2025, ويقوم بفصل أحياء بكاملها عن القدس في سبيل تهويدها! ألم يسمع مدير مركز ابن خلدون بكل ذلك؟. هذا وقد نشر ناشطون فلسطينيون فيديو يوثق لحظة احتجاج شبان وشابات على حضور سعد الدين إبراهيم.من جانبهم احتج الطلبة الفلسطينيون المتواجدون في الجامعة على الخطوة التطبيعية للمحاضر, وقاطعوه عدة مرات ,واصفين إياه بـ “المطبع, والخائن, والعميل”, قبل أن يقوم الأمن الجامعي بإخراجهم من القاعة.
يشار إلى أن سعد الدين إبراهيم, تلقى حكما بالسجن في مصر مطلع الألفية الجديدة بتهمة تلقي هبات من جامعات إسرائيلية, كما وجهت النيابة المصرية له, تهمة التجسس لحساب الولايات المتحدة الأميركية, وكانت محكمة استئناف القاهرة قد وافقت على طلب (في 7 يوليو عام 2000) قدمه النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد بإلزام كل البنوك العاملة في مصر تمكين نيابة أمن الدولة الاطلاع على كل الحسابات التي أودعتها جهات أجنبية لحساب إبراهيم, والمركز. ووفقاً للقانون المصري فإن الاطلاع على حسابات المودعين في البنك يتطلب حكماً قضائياً, وقد أثبتت قرارات المحكمة كافة التهم التي وجهتها النيابة العامة المصرية إلى هذا المطبع الحائز على الجنسية الأميركية. ولقد أدان الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب بأشدّ العبارات, الخطوة التطبيعية التي قام بها د. سعد الدين إبراهيم, مدير مركز ابن خلدون للدراسات في القاهرة لجامعة “تل أبيب”, قائلا في بيان أصدره: إن هذه الزيارة التي تأتي في اللحظة, التي تتساوق مع الهجمة الاحتلالية, وإعلان ترامب المشؤوم, وقرارات الكنيست الأخيرة بضمّ الضفة الغربية, واستباحة القدس التي يريدها الاحتلال عاصمة موحدة له, تمثل إساءة واضحة, وطعناً في الوعي العربي الذي يرفض التطبيع مع الاحتلال وروايته, ويواجهها بالحق والحقيقة والصمود والتصدي الواجب.
لقد شكلت الزيارة خنجرًا طعن به سعد الدين إبراهيم الحقوق الفلسطينية والعربية , وشهداء الحروب العدوانية الصهيونية من الفلسطينيين والعرب بمن فيهم الشهداء المصريون. إن مثقفينا العرب يؤكدون صبيحة كل يوم, أن الحق الفلسطيني الخالد والأزلي في أرض فلسطين التاريخية هو من رأس الناقورة حتى رفح ومن النهر إلى البحر. بالفعل, قد نستطيع أن نفهم كل الانكسارات على الجبهات الأخرى: السياسية, العسكرية, الاقتصادية… الخ, لكن لا نستطيع فهم مثقف مرموق يريد تثبيت انكسار آخر على الجبهة الثقافية, من حيث يشعر أو لا يشعر. لطالما حاول العدو الصهيوني اختراق جبهة الثقافة العربية, من خلال التطبيع الثقافي, لكن جبهتنا الثقافية العربية, بقيت وستظل عصية على الاختراق.
زيارة سعد الدين ابراهيم إلى الكيان الصهيوني تعمل على تسويق الرواية الصهيونية للتاريخ الفلسطيني, في الوقت الذي جعل فيه مثقفون يهود ليسوا بصهاينة من مهمتهم, تفنيد الرواية الصهيونية: شلومو ساند مثلا في كتابيه “اختراع الشعب اليهودي” و “اختراع أرض “إسرائيل”, كما إيلان بابيه في كتبه, كما نعوم تشومسكي, والقائمة تطول! .نستنكر بأشد العبارات قسوة هذه الزيارة التطبيعية المجرمة.