98 يومًا على وصول رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله إلى قطاع غزة لتسلم مهامها، لكن ملفات كالخصم من رواتب موظفي السلطة في القطاع، وعدم صرف رواتب الموظفين الذين عينتهم الحكومة السابقة برئاسة إسماعيل هنية، وانقطاع الكهرباء الطويل، والعديد من الإجراءات التي تمس عصب الحياة اليومية لا تزال تشغل بال المواطنين.
ورغم تسلم الحكومة معابر القطاع في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفق اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة بين حركتي حماس وفتح، فضلا عن تسلمها الوزارات، فإنها لا تزال تتذرع بما تصفه "التمكين" للقيام بمهامها، وهو ما يُقابله مراقبون بتساؤلات عن هذا المصطلح الذي يرونه فضفاضا.
وينص الاتفاق الموقع في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على "سرعة إنجاز اللجنة القانونية/ الإدارية المشكلة من قبل حكومة الوفاق الوطني لإيجاد حل لموضوع موظفي القطاع، قبل الأول من شهر فبراير 2018 كحد أقصى، مع مشاركة خبراء ومتخصصين ومطلعين من قطاع غزة للجنة المذكورة في عملها، وتقوم الحكومة على استمرار استلام الموظفين لرواتبهم التي تدفع لهم حاليا خلال عمل اللجنة اعتبارا من راتب شهر نوفمبر 2017، فور تمكين الحكومة من القيام بصلاحياتها الإدارية والمالية بما في ذلك التحصيل والجباية".
لكن هؤلاء الموظفين لم يتلقوا من حكومة الحمد الله أي مبالغ تذكر حتى اللحظة، وعدا عن ذلك فإن الحكومة لم تسمح ببقاء الموظفين الذين كانوا يعملون في معابر القطاع منذ نحو عقد.
ويشار إلى أن اللجنة الإدارية القانونية الخاصة بالموظفين عقدت اجتماعا في غزة، الأربعاء الماضي، برئاسة زياد أبو عمرو نائب رئيس الحكومة، الذي قال إنه تقرر تقديم قاعدة بيانات دقيقة كاملة ومحدثة لموظفي قطاع غزة الذين تم تعيينهم بعد 14 يونيو/حزيران 2007.
وفي مايو/أيار الماضي أكد منسق أعمال حكومة الاحتلال يؤاف مردخاي أن سلطات الاحتلال ستقلص إمدادات الكهرباء لقطاع غزة، قائلا في تصريحات متلفزة، إن السلطة أرسلت كتابا رسميا بأنها لن تدفع سوى 25 – 30 مليون شيقل من إجمالي ثمن الكهرباء والتي تبلغ 40 مليون شيكل، ما يعني تخفيضا للكهرباء على غزة، وبعد طول انتظار شعبي، ربط الحمد الله، الأربعاء الماضي، إعادة 50 ميغاوات من الكهرباء للقطاع بالجباية القسرية من المواطنين، وليس بالخصم من المقاصة.
وقال الحمد الله: "قرر مجلس الوزراء الموافقة على إعادة الـ50 ميجا واط من خطوط الكهرباء المغذية للمحافظات الجنوبية (القطاع) على أن تلتزم شركة توزيع كهرباء محافظات غزة بموجبات هذا القرار".
وبحسب مراقبين، فإن الحكومة اتخذت إجراءات منها، فرض "تعليات" إضافية على معبر " كرم أبو سالم" للشاحنات الواردة للقطاع، ورفع سعر السولار المصري الذي يعتمد عليه الأخير لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة، ورفض إدخال الأخشاب والسيارات والمنتجات عبر معبر رفح البري، وتأجيل قرار تخفيض رسوم التراخيص بغزة.
وكانت السلطة اتخذت اللجنة الإدارية المنحلة في القطاع – التي صادق عليها المجلس التشريعي في مارس/آذار الماضي- "لسد الفراغ" الناجم عن عدم تولي حكومة الحمد الله مسؤولياتها- ذريعة لـ"إجراءات غير مسبوقة" صنفها قانونيون بأنها "سياسة عقاب جماعي".
ولطالما أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس استعدادها لحل اللجنة الإدارية الحكومية في غزة، على أن تقوم حكومة الحمد الله بواجباتها. وفي سبتمبر/أيلول الماضي أعلنت الحركة حل اللجنة "استجابة للجهود المصرية الكريمة، بقيادة جهاز المخابرات العامة المصرية والتي جاءت تعبيرا عن الحرص المصري على تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام".
"تحييد حاجات المواطن"
ويقول المحلل السياسي هاني حبيب، إن رئيس السلطة محمود عباس والحكومة كانا يشترطان قبل اتفاق المصالحة الأخير، إنهاء اللجنة الإدارية الحكومية في القطاع لوقف "كافة الإجراءات العقابية والانتقامية (التي تفرضها السلطة) على الجمهور الفلسطيني في قطاع غزة"، مضيفا: "طالما قامت حركة حماس بإنهاء اللجنة الإدارية، وبالوفاء بالتزاماتها إزاء هذا الشرط كان على الجانب الآخر، أي سلطة رام الله، أن تفي بوعدها بصرف النظر حتى عن عملية المصالحة".
وتابع حبيب، في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، أنه يفترض أن تراجع السلطة والحكومة نفسها من خلال وقف "كافة الإجراءات العقابية"، وبعد اتفاق المصالحة "يصبح الأمر غير مفهوم على الإطلاق أن تستمر هذه الإجراءات على الرغم من وفاء حركة حماس بالتزاماتها تجاه اللجنة الإدارية"، وفق قوله.
ويشير إلى أن المواطن يدرك أن هناك مزيدا من عدم الثقة ومزيد من العقبات التي تضعها حكومة الحمد الله أمام العودة عن "قراراتها الجائرة بشأن الموظفين والكهرباء وكافة القضايا المتعلقة بإجراءاتها الانتقامية على الجمهور الفلسطيني في القطاع".
من جهته، يقول المحلل السياسي طلال عوكل إن من المفترض أن تبادر الحكومة إلى التوقف عن إجراءاتها التي اتخذتها بحق المواطنين بذريعة أنها تضغط على حماس.
ويضيف عوكل لصحيفة "فلسطين": "يفترض تحييد حاجات المواطن الذي من المطلوب منه أن يصمد في هذه المرحلة".
وفي الوقت نفسه يعتقد عوكل أنه "لا خوف على موضوع المصالحة"، قائلا: "ليس هناك مجال للفشل، ربما تكون هناك عملية تباطؤ أو تدريج.. إلى آخره، لكن الفشل ممنوع؛ لأن الوضع الذي تمر فيه القضية الفلسطينية جعل موضع المصالحة إجباريا وفوق الحسابات الخاصة".
ويعتقد عوكل أن "الأمور تسير في الوجهة المعقولة" وإن كان ذلك يشهد تدرجا أو تباطؤا، متمما: "أظن خلال أيام قليلة قادمة ستكون هناك خطوات أفضل في اتجاه المصالحة"؛ وفق اعتقاده.
ولا تزال المطالبات الوطنية للحكومة مستمرة بوقف الإجراءات المفروضة على قطاع غزة منذ مارس/آذار الماضي.

