فلسطين أون لاين

​غواتيمالا.. المصالح مع (إسرائيل) تغفل عينيها عن حقيقة القدس

...
القدس المحتلة (أ ف ب)
غزة - نبيل سنونو

المصالح؛ هي "كلمة السر" في قرار غواتيمالا -التي تقع في أمريكا الوسطى وتبلغ مساحتها نحو 108 آلاف كيلومتر مربع- نقل سفارتها إلى القدس المحتلة، الشهر الماضي، بعد أيام من تأييدها للولايات المتحدة في رفض مشروع قرار أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب بعدم تغيير الوضع القانوني للمدينة.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية د.علاء أبو عامر: إن المجتمع الدولي أدان خطوة الولايات المتحدة واعتبرها نقضا للقرارات الدولية، ما جعل واشنطن في موقف حرج جدا، كونها تنتهك القانون الدولي، مضيفًا أن الأخيرة تريد جر بعض دول العالم التي تستطيع أن تؤثر عليها سياسيا أو ماليا أو اقتصاديا وبغيرها من الضغوطات.

ويشير إلى أن غواتيمالا من الدول التي صوت ضد إدانة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" لكيان الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم الضغوط الأمريكية غير المسبوقة من ترامب، ومندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، فإن القرار الأممي بشأن القدس المحتلة، صوتت لصالحه الشهر الماضي، 128 دولة من مجموع 193 في الجمعية العامة، في حين صوتت تسع دول ضده بينها الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وتحفظت 35 دولة وغابت 21 أخرى عن الاجتماع.

ويوضح أن الدول التي صوت ضد إدانة قرار واشنطن لديها على ما يبدو نية مسبقة؛ لأنها حاولت قبل ذلك نقل سفاراتها إلى القدس، ثم اضطرت بضغط من الدول العربية والإسلامية إلى التراجع.

وكان رئيس غواتيمالا السابق راميرو دي ليون كاربيو (حكم بين 1993 و1996) أمر بنقل سفارة بلاده من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، لكنه سرعان ما تراجع عن قراره بعدما أغلقت الدول الإسلامية أسواقها أمام البضائع الغواتيمالية، علما بأن غواتيمالا هي المنتج الأول للهال في العالم.

ويبين أبو عامر أن لا وزن سياسي ذا قيمة لغواتيمالا على الصعيد الدولي، واقتصادها ضعيف ومواردها محدودة، لكن خطوتها بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة تشجع دولًا أخرى على اتخاذ نفس الإجراء، خصوصا إذا لم يكن باستطاعة الدول العربية والإسلامية القيام برد فعل.

ويؤكد أن المطلوب عربيا وإسلاميا هو ممارسة نفس الضغوط التي تعرضت لها غواتيمالا سابقا، على أي دولة تفكر بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة.

ويشير إلى أنه طالما لا يوجد رد عربي وإسلامي يرتقي إلى حدود المسؤولية في موضوع القدس التي تمثل "كرامة الأمة ورمزا دينيا إسلاميا ومسيحيا لدى الشعوب العربية والإسلامية كافة"، فإن نقل سفارات الدول إلى القدس المحتلة "أمر وارد جدًا".

ويتابع: "كل ذلك يعتمد على الموقف العربي والإسلامي"، منبها في الوقت نفسه، إلى أهمية دور الفلسطينيين في الانتفاض ضد إجراءات ترامب.

ويقول أبو عامر، إن على الدول العربية والإسلامية إيصال رسالة حاسمة وحازمة للعالم بأن نقل السفارات إلى القدس، له "ثمن غال جدا".

ويضيف أن ثمة دولا هددت بإغلاق السفارة الأمريكية حال اتخاذ قرار بنقل السفارة لكنها لم تنفذ ذلك.

"إغراءات"

من جهته، يقول المتخصص في الشأن الإسرائيلي عباس ذكور، إن عوامل عدة دفعت الدول التي أيدت خطوة الولايات المتحدة، لاتخاذ هذا الموقف.

ويوضح ذكور لصحيفة "فلسطين"، أن المصالح هي القضية الأولى التي تبحث عنها هذه الدول، وتجد أن مصالحها مع أمريكا و(إسرائيل)، مبينا أن هذه الدول ليست لديها قناعات قبل المصلحة.

ويتابع بأن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال يعملون بشكل كبير على تقديم الإغراءات والدعم للدول كغواتيمالا، حتى يحصلوا على تأييدها.

وكانت وزارة خارجية الاحتلال كشفت عن حملة تقوم بها لاستمالة عدد من الدول حول العالم لنقل سفاراتها من القدس المحتلة، وسط توقعات باستجابة بلدان مثل جنوب السودان والفلبين ورومانيا.

ويردف ذكور: "في المقابل، لا نجد قوى عربية وإسلامية تعمل من أجل الإقناع والدعم، وبالتأكيد الدول الضعيفة تميل إلى الدول الكبرى والقوية، هذا للأسف الشديد واقع حال معظم الدول التي تتعامل مع ميزان القوى والضعيف، أو ميزان المصلحة التي تعود عليها بالفائدة".

ويعرب عن أمله في أن تفشل دولة الاحتلال في الحصول على تأييد دول أخرى، قائلا في الوقت نفسه، إن ثمة "حقيقة مؤلمة ومرة" تتمثل في كون الولايات المتحدة تحصل على أموال عربية تقدمها كمساعدات للدول التي تحظى بتأييدها كغواتيمالا.

ويتمم المتخصص في الشأن الإسرائيلي: "للأسف، بدل من أن تُسخر أموالنا لدعم مشارعينا وبرامجنا والاعتراف بنا نحن نعطي أموالنا لمن يعطيها لأولئك الذين يدعمون المشاريع التي تتعارض مع كل قضايانا الكبرى وعلى رأسها القدس".

هي إذًا خطوات تتخذها دول كغواتيمالا تحكمها مصالحها مع الولايات المتحدة و(إسرائيل)، بعيدًا عن حقيقة القدس العربية الفلسطينية، وسط تطلعات لموقف عربي وإسلامي قادر على مواجهة التحديات المحدقة بهذه القضية المركزية للأمة.