يشكّل الفلسطينيون في الخارج منبرًا للحديث بصوت القضية، والتعريف بالحقائق، والتنبيه إلى المعاناة، وهذا لا يحدث من طريق المؤسسات والتجمعات الفلسطينية فقط، وإنما على مستوى الأفراد أيضًا، فالفلسطيني يمكنه أن يساهم في تغيير الصور المغلوطة في أذهان الآخرين عن قضيتنا بالاحتكاك المباشر بهم، وفي هذه الأيام تحتاج لهم القضية بشدة، بعد اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان العبري، وهذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:
بالفن أيضًا
الشاب الفلسطيني مصطفى عوض المقيم في بلجيكا قال: "بصفتي فلسطينيًّا مغتربًا منذ 14 سنة أؤكد أن بلجيكا كانت وما زالت من البلدان الأوروبية الأكثر تضامنًا مع الفلسطينيين، بصفتي ناشطًا فلسطينيًّا أقيم بهذا البلد انخرطت في الجمعيات البلجيكية الداعمة للقضية الفلسطينية وفي المجتمع المدني".
وأضاف: "هذه الجمعيات كانت مدخلًا للتعرف إلى ناشطين فلسطينيين وغير فلسطينيين"، متابعًا: "وهنا كان دورنا التعريف بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها بنشاطات دائمة وورش عمل، منها ما هو ثقافي وفني وسياسي".
وبين أن أهمية هذه النشاطات تكمن في تعريف المجتمع البلجيكي فلسطين ومعاناة المواطنين فيها، إضافة إلى تعريفهم المخيمات وحق العودة، وقضية الأسرى وما يعانونه من ظلم وقمع وحرمان من حقوقهم داخل سجون الاحتلال، لافتًا إلى أن الإعلان الأمريكي استدعى العديد من الفعاليات الاحتجاجية.
تنظيم الفعاليات ليس الوسيلة الوحيدة لتعريف البلجيكيين القضية، بحسب ما ذكر عوض، إذ قال: "ننظم ندوات تنشط بشأن قضية القدس وفلسطين، ولقاءات مع نواب في البرلمان الأوروبي وبعض المؤسسات للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، والدفاع عن حقوقه من على منابر البرلمان، أو في الساحات".
أضاف: "بصفتي شابًّا فلسطينيًّا أعيش في أوروبا لم يكن النشاط السياسي هو فقط ما أقوم به في بلجيكا, فإضافة إليه كان الاهتمام بالجانب الثقافي والفني, إذ كوّنت "فرقة راجعين للفنون الشعبية والدبكة الفلسطينية", وهي فرقة فلسطينية من أولوياتها القضية الفلسطينية".
وتابع: "نحيي الحفلات ونشارك في مختلف النشاطات الفلسطينية الدائمة في بلجيكا, وبفضل الفرقة ساهمنا في تعريف المجتمع البلجيكي الثقافة الفلسطينية، والتراث الفلسطيني".
في أغلب الفعاليات الفلسطينية تجد فرقة "راجعين" في المسارح والساحات، فأعضاؤها لاجئون متمسكون بحق العودة، مهما بعدت المسافات الجغرافية عن أرض فلسطين، ومهما حاول الاحتلال طمس هويتهم الثقافية، بحسب تأكيد عوض.
وأشار إلى أنه ينظّم ندوات يشرح فيها المعاناة التي يعيش فيها الفلسطينيون، ويجد دومًا تفاعلًا مع ندواته، وتأثرًا بها، ويجد تضامنًا من الحاضرين، ويلمس تغير نظرتهم إلى القضية الفلسطينية.
وبين أنهم يسعون في هذه الندوات إلى تعرية الاحتلال الصهيوني، وفضح ما يقوم به دائمًا من مجازر ارتكبها في فلسطين وخارج فلسطين منذ النكبة عام 1948م إلى المجازر في غزة وحصارها منذ أكثر من عشر سنوات.
وقال عوض: "لا أقول إن المجتمع البلجيكي بأكمله داعم للقضية الفلسطينية, لكن إن كنا مؤمنين بعدالة قضيتنا وقادرين على تثقيف أنفسنا أولًا، فإننا نستطيع أن ندعم قضيتنا بنشاطاتنا التي نقوم بها، والنتيجة ستكون التفافًا هائلًا من المتضامنين والداعمين لعدالة قضيتنا وحقنا بالعودة وتحرير أسرانا من سجون الاحتلال".
تصحيح الأفكار
أما الفلسطينية نيفين شريم المقيمة في كندا فقالت لـ"فلسطين": "البيت الفلسطيني في مدينة (مسساغا) ينظم دومًا أنشطة مختلفة لتعريف الناس المسجد الأقصى، إضافة إلى أن عدة مدارس إسلامية تعلّم الأطفال ما يتعلق به وبمعالمه ومكانته عند المسلمين".
وأضافت شريم: "ردّ فعل على القرار الأمريكي نظّم الفلسطينيون العديد من مسيرات أمام السفارتين الأمريكية والإسرائيلية في مدينة تورنتو، وفي مدن كندية أخرى".
وتابعت: "يكتسب الكنديون المعلومات عن المسجد الأقصى من محطات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي، وللصهاينة تأثير كبير في الإعلام ومضمونه، ما يعني توجيه المتابعين الأجانب إلى الاقتناع برواية الاحتلال".
وترى أن مسؤولية كل فلسطيني وكل مسلم تصحيح هذه الأفكار الفاسدة، وأنه واجب على كل مسلم الدفاع عن القدس والأقصى بأي طريقة ممكنة، واصلت حديثها: "علينا أولًا أن نزرع حب القدس والأقصى في قلوب أطفالنا".
نصرت شريم فلسطين بطريقتها، فصممت هي وأطفالها عدة لوحات تتحدث عن القدس والأقصى وعرضتها في مواقع للأطفال، مع طبع صورة الأقصى على قمصان الأطفال كي يرتدوها أمام الجميع.
وباحتكاكها بالكنديين تحاول أن تساهم في تغيير الصور المغلوطة عن فلسطين، قالت: "قبل مدة زرت طبيبة الأسنان، لاحظت أنها ضد الإسلام والمسلمين، وأنها لا تمانع اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، وبعد نقاش طويل معها عن حقنا في القدس والأقصى وعن الإسلام وهويته لاحظت أنها غيرت رأيها، وفي اليوم التالي أهديت إليها نسخة من القرآن الكريم باللغة الإنجليزية لتقرأه".
وتابعت: "يجب علينا أن ندافع عن ديننا وعن أقصانا فردًا فردًا، نعم غيرت رأي شخص واحد بشأن الأقصى، وقد يساهم هذا الشخص في تغيير آراء أشخاص آخرين، ولذلك يجب علينا ألّا نتوقف عن الدفاع عن حقوقنا وعن ديننا وعن قدسنا وعن أقصانا".
فعاليات تعريفية
في تركيا يختلف الحال، فالأتراك في العموم يناصرون القضية الفلسطينية، ويتفاعلون مع الأحداث المتعلقة بها، ولكن في الوقت نفسه منهم من يجهل الحقائق، وهنا يكمن دور الفلسطينيين هناك في التغيير.
الفلسطيني المقيم بتركيا عبد الله الأسطل قال: "المغتربون الفلسطينيون هنا لهم دور كبير، خاصة في المسيرات والاعتصامات بمدينة إسطنبول"، مضيفًا: "هذه المسيرات يشارك فيها الوافدون من كل الدول العربية والإسلامية".
وتابع: "تفاعل الأتراك كبير، والاعتصامات والمسيرات التي ينظمونها قوية جدًّا، ويشارك فيها أعداد كبيرة منهم".
وأكمل قوله: "دورنا الفلسطينيين لا يتوقف على المشاركة في المسيرات والاعتصامات والندوات التي تُنظم في إسطنبول، دورنا يكمن في تعريف الأتراك الذين يجهلون الحقائق عن القضية الفلسطينية والقدس وحقوقنا وثوابتنا".